تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ودلالة التضايف:فالمتضايفان: "هما أمران وجوديان لا يمكن إدراك أحدهما إلا بالإضافة إلى الآخر مثل: الأبوة والبنوة والقبل والبعد".

فلا توجد أبوة مطلقة، وإنما تضاف إلى ابن فيقال: أبو فلان، وكذا البنوة يقال: ابن فلان، ولا يوجد "قبل" و "بعد" مطلقين، وإنما قبل كذا، و: بعد كذا.

فالأولية المطلقة لا تكون إلا لله، عز وجل، وهذا معنى اسمه: "الأول"، والآخرية المطلقة لا تكون إلا له، عز وجل، وهذا معنى اسمه: "الآخر".

وقد اقتصر الفلاسفة على وصف الله، عز وجل، بالسلوب والإضافات، فيقولون: ليس بكذا، وليس بكذا، .............. إلخ، ويقولون: أول بالنسبة للمخلوقات الحادثة، مع أن أوليته، عز وجل، مطلقة، فالله عز وجل: أول ليس قبله شيء، وآخر ليس بعده شيء، كما تقدم، فطريقتهم خلاف طريقة أهل السنة الذين يفصلون في إثبات صفات الكمال لله، عز وجل، ويجملون في نفي صفات النقص عنه، كما جاءت بذلك النصوص، وهذا عين المدح.

&&&&&

دلالة الاقتران والافتراق:

كـ: "الاستغفار" و "التوبة":

فالاستغفار لما فات، والتوبة لما هو آت، فاستوفيا شطري القسمة العقلية: الماضي، والمستقبل وألحق به الحاضر بداهة، فالمستغفر في حال دعائه تائب مقلع، وإلا كانت توبته لعبا.

ودلالة "الاقتران والافتراق": مما اطرد في لسان العرب، وإليه يشير أهل العلم بقولهم عن اللفظين محل البحث: إذا اجتمعا افترقا، فيفيد كل منهما معنى غير الذي يفيده الآخر فتكون دلالته على معناه مطابقة ولا دلالة فيه على معنى الآخر، وإذا افترقا اجتمعا، فيدل كل منهما على معناه وعلى معنى اللفظ الآخر: مطابقة، وعلى أحدهما: تضمنا، لشموله عند إفراده بالذكر كليهما.

كما قيل في لفظي:

"الإسلام" و "الإيمان":

فعند الاقتران: يدل الإيمان على أعمال الباطن، ويدل الإسلام على أعمال الظاهر، وتكون دلالة كل منهما على مدلوله: دلالة مطابقة لا يدخل فيها مدلول الثاني، فلا يكون الإسلام حينئذ دالا على عمل الباطن، وكذلك الإيمان: لا يكون حينئذ دالا على عمل الظاهر، وحديث جبريل عليه السلام أصل في هذا النوع، إذ فسر الإسلام بأعمال الظاهر، وفسر الإيمان بأعمال الباطن.

وعند الافتراق: يدل كل منهما على معناه ومعنى الآخر: تضمنا، فيكون مدلول كل من: الإسلام والإيمان، على انفراده، حينئذ مزدوجا يتضمن: الباطن والظاهر، وحديث وفد عبد القيس أصل في هذا النوع إذ فسر الإيمان لما انفرد بمدلول الإسلام من أعمال الظاهر، ففيه: (أتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصِيَامُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُعْطُوا مِنْ الْمَغْنَمِ الْخُمُس)، فصارت دلالته على عمل الظاهر: دلالة تضمن فضلا عن دلالته الأصلية على عمل الباطن، فهو مزدوج الدلالة عند انفراده كما تقدم.

يقول القرطبي رحمه الله:

"والأصل في مسمى الإيمان والإسلام التغاير، لحديث جبريل. وقد يكون بمعنى المرادفة: فيسمى كل واحد منهما باسم الآخر، كما في حديث وفد عبد القيس وأنه أمرهم بالإيمان بالله وحده وقال: (هل تدرون ما الإيمان)؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تؤدوا خمسا من المغنم) الحديث. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون بابا فأدناها إماطة الأذى وأرفعها قول لا إله إلا الله) أخرجه الترمذي. وزاد مسلم: (والحياء شعبة من الإيمان).

ويكون أيضا بمعنى التداخل وهو أن يطلق أحدهما ويراد به مسماه في الأصل ومسمى الآخر". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن"، (4/ 41).

وكذلك القول في:

"الفقير" و "المسكين":

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير