تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ)، و: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ).

أي: حرم عليكم نكاح أمهاتكم، وحرم عليكم أكل الميتة، لأن التحريم لا يتعلق بالذوات وإما يتعلق بالأفعال التي تقوم بها أو تقع عليها، فيكون في السياق نوع إجمال بينه المحذوف المقدر اقتضاء، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم الحاجة إلى تقدير محذوف في هذين السياقين، إذ الذهن ينصرف بداهة إلى المقصود من التحريم في كليهما، فالنساء في سياق بيان المحرمات لا يتعلق بهن إلا فعل النكاح، والمطعومات في سياق التحريم لا يتعلق بها إلا فعل الأكل.

ومنه قوله تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا).

أي: فبنقضهم ميثاقهم لعناهم.

يقول القرطبي رحمه الله:

"والباء متعلقة بمحذوف، التقدير: فبنقضهم ميثاقهم لعناهم، عن قتادة وغيره. وحذف هذا لعلم السامع". اهـ

"الجامع لأحكام القرآن"، (6/ 8).

وقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ).

أي: حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ: (امتحنتم، أو انقسمتم قسمين): مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ. كما أشار إلى ذلك ابن هشام، رحمه الله، "مغني اللبيب".

وقوله تعالى: (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ).

فالاقتضاء حاصل في موضعين، إذ التقدير: فلما نجاهم إلى البر: (انقسموا قسمين)، فمنهم مقتصد و: (منهم غير ذلك).

لعدم جواز مجيء جواب لما مقروناً بالفاء، كما أشار إلى ذلك ابن هشام، رحمه الله، "مغني اللبيب". وقد حذف أحد القسمين لدلالة المذكور عليه.

ومنه قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان":

أي: حكمه التكليفي لا الوضعي لوجوب ضمان قيم المتلفات، فالخطأ والنسيان لا يرفعان بعد وقوعهما لاستحالة رفع المقدور كونا قبل نزوله فضلا عن رفعه بعد نزوله.

وقد يقال هنا أيضا بعدم الحاجة إلى تقدير محذوف إذ الذهن ينصرف بداهة إلى المقصود من الرفع وهو حكم الفعل لا الفعل نفسه.

&&&&&

دلالة الإشارة:

وهي دلالة اللفظ على معنى ليس مقصودا باللفظ أصلا، ولكنه لازم للمقصود فكأنه مقصود تبعا، كما في:

قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ)، فإباحة الجماع إلى آخر جزء من الليل يدل بمفهوم الإشارة على صحة صوم من أصبح جنبا كما في حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما.

وقوله تعالى: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرً)، مع قوله تعالى: (وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ)، فهما يدلان على أن أقل الحمل ستة أشهر كما استنبط ذلك ابن عباس وغيره من الأئمة، كما ذكر ذلك ابن كثير رحمه الله. ورواه الطبري، رحمه الله، من طريق: الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي عبيد، قال: رفع إلى عثمان امرأة ولدت لستة أشهر، فقال: إنها رفعت إلي امرأة، لا أراها إلا قد جاءت بشر - أو نحو هذا - ولدت لستة أشهر! فقال ابن عباس: إذا أتمت الرضاع كان الحمل لستة أشهر. قال: وتلا ابن عباس: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا) [سورة الأحقاف: 15]، فإذا أتمت الرضاع كان الحمل لستة أشهر. فخلى عثمان سبيلها.

&&&&&

ودلالة الإيماء:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير