تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[خمسة ملايين جنيه.]

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[13 - 11 - 2010, 03:15 ص]ـ

خمسة ملايين جنيه

اعترض على الصيغة الثنائية التي صيغ بها المقال، قص وتعديل لأجزاء كبيرة فيه على غير العادة، هو كاتبٌ كبير هل يُقدّم استقالته هل يُهادن، كلاهما أيضًا ثنائيتان يصعُب على أي إنسان صاحب قيم ومبادىء أن يختار أو يعيش بإحداهما، الأولى نِفاق والثانية هروب، رئيس التحرير يُقدّر تمامًا هذا القلم المسنون، ولكنه في ذات الوقت لا يستطيع إيقاف الكثير من الإعلانات أو بمعنى أدق الإعانات التي تأتي من صاحب النفوذ الذي هوجم من قبل كاتب الجريدة الأول، رئيس تحرير شريف لكن إلا نصف!

الساعة التاسعة صباحًا رنّ الهاتف ودقّ الباب في آن واحد، الكاتب من أصحاب الأمزجة الشفافة وبالتالي فهو من روّاد النوم (الخفيف) أو مجازًا النوم القليل، ففي علم النفس من ينام كثيرًا دون علة جسدية أو نفسية يُصبح من ذوي الأمزجة الثقيلة والتي يصعب الاستفادة منها عند حدوث كارثة إنسانية كزلزال أو حريق أو إنهيار أرضي، فهو دائمًا نائمٌ.

فتح الباب سريعًا وأمسك بالهاتف وهو مذعور فلقد اتخذ قرارًا ليلة أمس بعدم الذهاب ولو مؤقتًا إلى مكتبه في الجريدة حتى يستطيع اتخاذ القرار الأهم والأصعب بالاستمرار أو الانتقال أو المهادنة (النفاق) وإن كان الأخير جدًا صعب،

هذا أنتَ يا مسعود، نعم يا أستاذ هو أنا أتيتكَ في أمر هام، هام، نعم هام كثيرًا أستاذي، هام يا مسعود لدرجة أنك ترن الهاتف وتدق الباب في آن رغم علمك أن نومي ليس ثقيلًا، أستاذي فلتعذرني فعلت هذا من منطقة اللاوعي فهناك ضيفٌ ينتظرك أسفل مسكنك وهو الذي أربك كل حساباتي فارتجت عليَّ الكثير من الأمور، ضيف ومن هو يا مسعود يا"أبو السعود"؟، صاحبك إياه "ويشير بسبباته ووسطاه للوراء وكأنه يَرمز إلى شخص ما بعينه"، صاحبي إياه كفّ عن الإشارات وأخبرني من يكون حتى لا أقول لك إذهب أنت وهو إلى ... (قالها سرًا الجحيم)، مسعود: نذهب إلى أين يا أستاذ؟، إلى مكتب الجريدة يا مسعود لا تفهمني خطئًا، "يقهقه مسعود بأسنانه الصفراء نتيجة الشاي والتبغ"، الأستاذ: أغلق فمك يا مسعود أكم من مرة أخبرتك أن أسنانك تبعث على التشاؤم وكأنها سحابة تحمل أتربة صحراوية ألا تكف عن التبغ والشاي عشرين كوبًا تشرب في اليوم يا رجل إنه حقًا رقمٌ قياسيٌّ، يا رجل الروائح الطيبة صدقة تتصدق بها على من يكون بالقرب منك وأنت رائحة فمك تبعث روائح تحمل صيغ خبيثة يصعُب التعامل معها.

يضحك مسعود ثانية ويقول: المهم يا أستاذ لا تضيع وقتا، يرد الأستاذ قائلًا، لا عليك لن أضيع وقتك ووقت السيد المسئول الذي ينتظرك بالأسفل دقائق أغير ثيابي وألتحق بركابكما،

مسعود: لا إنه من سيصعد إليك ولكنه انتظر طالبًا الإذن منك إنه رجلٌ "كبّارة" صاحب ذوق رفيع ولا يحب التطفل على أحد مهما كان شأنه صغيرًا أو كبيرًا، الأستاذ: نعم هذا شأنه أيضًا فلا تجمل صورته أمامي حتى لا أظن أنك قد انضممت لفريق " لاهيني هاتيني خديني جبيني " السائد في تلك الأيام بين الوسط الصحفي الجميل الذي أصبح ملعبًا للكلمة المنمقة لا الكلمة المُصدّقة للكلمة الملفقة لا الكلمة المُحققة، على أية حال هاته أو ناده ليصعد أنا في انتظاركما، مسعود: لحظات أستاذي وسيكون أمامك.

المسئول: دون مقدمات أستاذ جلال جميعنا يعرف نزاهتك ومصداقيتك في نشر الحقائق وأنا لا أريد منك شخصيًا سوى فعل هذا لكن بعيدًا عن شخصي أعتقد أنك تعلم أيضًا أن جزءًا كبيرًا من راتبك الكبير بدعم منّا شخصيًا ومن مجموعة شركاتنا، أستاذ جلال: ها أنت قلت أعتقد والاعتقاد يفيد الشك أي أنك لستَ متأكدًا لهذا فأنا لا أعرف أن جريدتنا المستقلة والتي لا تتبع أية مؤسسة في الدولة قد أصبحت فرعًا من إحدى شركاتك"يحملق في السقف ثم يلتفت يمينا ويسارًا فيقول الجو حار أليس كذلك أستاذ جلال"، أستاذ جلال: نعم هو كذلك، المسئول: أتعجب من كاتب كبير مثلك ولا يملك مُكيفًا في بيته، يرد قائلًا، لأنني كاتب ولستُ مسئولاً،"يقهقه المسؤول فيقول": أستاذ جلال تلك الحقيبة بها خمسة ملايين "جنيه" فلتعتبرها هدية صفحتنا البيضاء الجديدة وعفا الله عمّا سلف، أستاذ جلال: ولكن في أدراج مكتبي الكثير من الأوراق السوداء والغبراء، المسئول: ماذا تقصد أستاذ جلال بمعنى؟،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير