تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)) آل عمران

مقدمة

تحدثنا في الحلقة الماضية عن الآيات {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)) فالله عز وجل يثني على العافين ويمتدحهم ويجعلهم من المحسنين ويعدهم بجنة عرضها السموات والأرض، غذن هناك مجال للاقتداء بالله عز وجل في هذا الأمر ولذلك قال (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152))

فكأن الله سبحانه وتعالى يقدم لهذا المبدأ وهذا الخلق الكريم بمدح هؤلاء ويقول إذا كان الرب يفعل ذلك بعباده وهي سنة من سننه فالعباد أحرى بهم أن يعفوا ويغفروا.

الأمر بالسير فى الأرض لتدبر السنن والموعظة بها

في الآية {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)} إشارة إلى الإعتبار بما مضى وأن لا يقطع الإنسان علاقته بالتاريخ فقد أُمرنا بالسير فى الأرض والضرب فيها لننظر ماذا فعل الله فيها. أبشروا أيها المؤمنين بأن العاقبة لكم ولا تيأسوا.

ألاحظ فى قوله تعالى {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)} بأن البيان عام لكل الناس ثم {وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} خص المتقين وهذا أسلوب يتكرر فى القرآن أن الله يخص المؤمنين أحيانا.

وقوله أن هذه "سنن" فهى السنن التى تنطبق على الناس كلهم كما ذكرنا من قبل فى سورة البقرة. فمن سننه أن يدين الكافر على الكافر والمؤمن على المؤمن والكافر على المؤمن أحيانا فهذه هى المدافعة ومن سننه تعالى أن ينصر المؤمنين.

وقد خلت من قبلكم أمم ووقع بينهم الحروب ثم كانت العاقبة لهم وفى هذا بيان للناس جميعا. ثم خص المؤمنين لأنهم هم المنتفعين بالسنن فعى الموعظة والهدى لهم.

(وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {139}) هى عطف على ما سبق فلا تضعفوا فى المستقبل ولا تحزنوا على ما سبق. ثم العلو وهو الغلبة. وقد يكون العلو هو الغلبة ولكن فى غزوة أحد يقول لهم (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {139}) فما وجه العلو فيها ما دامت هناك هزيمة؟. فهو علو من نوع آخر فهو علو المنهج وعلو الحق. فإذا جلست مع غير المسلم تجد أن عندك علو. عُلو فى الثقة وتتحدث عن حقائق هى أسطع من الشمس. وفى معركة أحد تأكيد لهذا المعنى عندما أوشكت على الإنتهاء قام أبو سفيان يقول " أعلو هبل" ويقول النبى لأصحابه ألا تجيبون؟ قولوا " الله أعلى وأجل".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير