تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بعض الكتاب يريدون أن يتأول أنها غزوة النصر ولا شك أن مآلها خيرا ولكن الحقيقة أنها هزيمة. أحيانا يكون عندنا عاطفة غير الطريقة العلمية. فقد وقعت المصيبة ولا شك أن مآلها خيرا. ولو تابعنا هذا المبدأيكون القول بأن لو قتل جميع المؤمنين لكان خيرا. وهذا غير صحيح كما جاء فى سورة البروج مثلا. والآيات توضح (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) فقد قتل حمزة عم النبى والرسول صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته. إذا العُلو يستلزم الإيمان. وكلما كان المرء متمسكا بدينه يكون علوه لا شك فيه. حتى فى بلاد الكفر فإنهم يحترمون من هو على مبادئه ويعتز بمبادئه على عكس من يستحى أن يتمسك بدينه فى تلك البلاد.

ومن المهم دراسة "السنن" فعندنا خلل فى ذلك.فمن وجه عقله ونظره فى ماجعله الله على وجه الإرض يستطيع أن يستفيد فى حياته ولكن بعض الناس لا يلقى لهذه السنن بالا. فمثلا سنة جعل النهار معاشا والليل سباتا فإذا خالفت هذه السنة إختلت الحياة. ومن السنن أن المجتمع الذى يظلم ولو كان مسلما سلط الله عليهم "العدل" ولو كان من كافرين. فلا بد من دراسة السنن. وفى الآية (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)) نجد أن "السنن" هى طرائق لا تحابى أحدا. والآية أيضا هى الأصل فى مشروعية دراسة علم التاريخ فهو ليس مجرد رواية وسرد للأحداث بل للموعظة. صحيح أن المسلمين كان لديهم عقيدة ولكن ما ساعد على إنتصارهم هو ظلم الدول التى قبلهم مما هيأ الجو لسقوطهم.

ونلاحظ أيضا فى الآية أن كلمة "سيروا" تأتى فى معنى السفر والسياحة مثل "امشوا" فلما كان الرزق كانت الآية (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) الملك) أما فى القوة والحق فتأتى صفة (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ) 20 المزمل.

دروس وعبر من معركة أحد

(إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) لماذا يمسسكم بدلا من يمسكم؟ لما أصيب المسلمون فى أحد كان الكل فى حالة من الكآبة يرثى لها. فالله هنا يخفف عنهم بأن ما حدث لكم حدث لأقوام من قبلكم. مرة تهزمون ومرة تغلبون. لو جعل النصر حليفا للمؤمنين ما كفر أحد ولو جعل النصرحليفا للكافرين ما آمن أحد. فهذه سنة المرسلين فاذا كان أشرف أهل الأرض وأصحابه حصل لهم هذا فمن المنتظر حصوله لغيرهم. وهذه أيضا عن الضرب فى الأرض نفس العملية فيها المدافعة وتلك الأيام نداولها بين الناس وهو يحدث فى الآراء والمجالات والمنابر. ويتكرر نفس المعنى فى (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) آل عمران).

غزوة أحد فيها دروس. التعبير عن المصيبة بأنها "قرح" تعبير لطيف فيه إشارة إلى ما أصيبوا به من الجروح كما أستخدمت كلمة "تألمون" لنفس المعنى (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104) النساء)

(وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) آل عمران) وعلم الله هنا كما فى سورة العنكبوت {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} العنكبوت 3. فالعلم هنا ليس بعد جهل تعالى الله عن ذلك ولكن علم بظهور هذه الأشياء فالوقوع يصدق ما هو معلوم لديه فى اللوح المحفوظ.

قد يشارك الإنسان فى المعركة ولا يستشهد لأن الإستشهاد منة من الله تعالى وهذا هو الذى يتنافسون عليه. الذى يستشهد كأن الله إصطفاه وهذا المعنى ظاهر فى كثير من قصص الصحابة. فى قصة خالد بن الوليد الذى لم تهزم له راية فى الإسلام وقبل الإسلام مات على فراشه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير