تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) آل عمران} دخلنا فى أحد مرة أخرى. تحسونهم الحس بمعنى القتل الكثير. يدل على أنهم قتلوا كثيرا. وكلمة "بإذنه" يراد بها المعنى القدري وهذا يصدقه قوله تعالى {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) الأنفال} ويراد بها المعنى الشرعي لأن الله أذن لكم قتلهم والإثخان في القتل (فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) الأنفال) فى هذا الموطن يحمد أن تقتل وتُرىِ المشركين القوة وتقذف في قلوبهم الرعب.

(حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ) صدق الله وعده فى حالة صدقكم معه, فجعلكم تحسونهم. ولكن اذا فشلتم وجبنتم وعصيتم بعد النصر لأنهم رأوا فلول العدو ذهبت والصحابة يلحقون بهم, قال بعدها (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) والسبب فى هذا هو التنازع بينكم. إرادة الدنيا إذا تغلبت على إرادة الآخرة سبب للهزيمة خصوصا اذا أدت إلى معصية الله لأن الانسان لا يستطيع أن يتخلص من نوازع نفسه الداخلية لأنه يحب الدنيا ولكن بدون معصية الله.

سؤال أين هم الملائكة فى المعركة؟ هل شاركت مشاركة فعلية فى أحد؟ شاركت فى بدر قطعا, ولكن فى أحد وباقي مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم كانت المشاركة بالتطمين والتثبيت وليس بالغزو كما قال مجاهد. وقد يكون السبب (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ) والله سبحانه وتعالى اشتطر (فإن تصبروا وتتقوا) وأنتم الآن لم تحققوا الشرط فلم يتحقق الوعد. مشاركة الملائكة لم تكن فقط في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بل كان المؤمنون المؤمنون كانوا يشعرون بالملائكة بوجودهم فى الصفوف ويشعرون بالطمأنينة مع شدة المعركة. وإخواننا المحاربين الآن يقولون كنا نشعر بذلك.

(مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ) يقول ابن مسعود ما كنت أظن أن أحداً من الصحابة يريد الدنيا إلى أن نزلت هذه الآية. المقصود بالدنيا الغنائم، عصوا رسول الله لأجل لعاعة من الدنيا وكان ذلك بشيء من التأويل وتخلف عنهم النصر. فماذا نقول الآن نحن الآن أُشربت قلوبنا فى الدنيا وبعنا من أجلها كثيراً من أركان وفرائض هذا الدين ونرجو نصر الله ونرجو صدق موعوده؟!.

(ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ) إلا لأوقع بكم أشد العذاب. موقع العفو هنا عجيب. الخبر الآن كله عن ما وقع من بعض الصحابة من معصية ولذلك عتاب الله لهم أليم (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ) قال (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ) ثم صرفكم عنهم ليختبرهم. هم لم ينجحوا فى هذا الإختبار فى هذه المرة ولكن الله سبحانه وتعالى عفى عنهم (وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ). انظر وقع هذا على الصحابة وهذه التربية بيّن لهم ما وقعوا فيه ثم عفا عنهم. النبى صلى الله عليه وسلم فى تبوك لما أذن لبعض المنافقين وهو يعلم أنهم كارهون للذهاب معه عاتبه و قال {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) التوبة} قدم العفو وهذا دلالة على محبة الله لمحمد صلى الله عليه وسلم حتى في مثل هذه الحالة. لو تأملت مقامات محبة الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فى القرآن حتى فى مثل هذه الآيات لوجدت شيئا عجيبا جدا تقف عنده موقف الخاشع لهذا الرب العظيم في محبة الله لنبيه وعلى المؤمنين أن يحبوه.

{إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) آل عمران} يصف حال المؤمنين لما بلغهم خبر مقتل الرسول أو لما داهمهم جيش المشركين وهم يجمعون الغنائم يفرون فى كل إتجاه ولا يلون على أحد. والرسول يدعوكم فى أخراكم. كان يقول" أيها الناس إليََّ إليََّ" كان يدعوهم إلى الجزاء الأوفى و الثبات والصدق أى لما يحييهم ويدعوهم إلى الآخرة أم في آخرهم؟. كتب السبرة تقول أنه لما فرّ الصحابة كان يناديهم من الجبل فقوله في أخراهم يعني من خلفهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير