تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تحدثنا عن قضية الظن الحسن وذكرنا أن المؤمن الموحد يحسن الظن بربه وخاصة في أوقات الشدائد واشتداد الكربات أما المنافق فلخوار قلبه وعدم علمه بالله سبحانه وتعالى يسيء الظن بالله جل وعلا ولذلك قال الله عز وجل ذاماً هؤلاء (يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) لا يزيدنا النظر فى هذه الآيات إلا إيمانا بالله وتصديقاً بنصر الله لهذا الدين ولأوليائه. في المعارك الحربية الآن بعد كل معركة يصدر بيان يظهر فيه القائد ما هي الخسائر فى الصفين؟ ما هي الحوادث التي وقعت؟. وهذا ما نتحدث عنه من قوله تعالى (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)) أشبه ما يكون بالبيان بعد المعكرة وليس من الرسول صلى الله عليه وسلم القائد الأعلى للمسلمين إنما هو من الله عز وجل. البيان يتكلم هذه الأحداث. ومن العجيب أنه يتكلم عن أسرار النفوس ولا يوجد بيان عسكرى دنيوي يتكلم عن النفوس دخلها جبن أو وسوسة. ولكن هذا البيان إشتمل على أسرار عجيبة في حديثه عن النفوس. أنظروا إلى هذه الدروس العجيبة في المعركة. إذا كان النصر إستمر للمسلمين فى غزوة بدر وفي أحد خاصة ولم يقع فيهم جروحات, لن تكون هذه الفائدة والعبر والدروس التي لا زالت الأمة تجدها للآن. ولكن الدروس التي تحققت للصحابة في وقت المعركة ولنا نحن إلى اليوم ما كانت لتتحقق إلا بهذا البلاء والإنكسار. قبل المعركة رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا. {تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد قال رأيت كأن في سيفي ذا الفقار فلا فأولته قتلا يكون فيكم ورأيت أني مردف كبشا فأولته كبش الكتيبة ورأيت أني في درع حصينة فأولته المدينة ورأيت بقرا تذبح فبقر والله خير فبقر والله خير فكان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم} الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 7/ 183 خلاصة الدرجة: في إسناده عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف.

الثلم الذي في سيفه هو أن يقتل أحد من أهل بيته وقد قتل حمزة وأما البقرة التي تذبح فأصحابه قتل منهم نفر وأما الدرع الحصينة فهي المدينة لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما تردد بعد أن رأى الرؤية وبقي في المدينة بل إستشار الصحابة. فلما أشاروا عليه بالخروج رأى أن إمضاءه للشورى أكثر مصلحة مع ما فيها من الخسائر. وبعد المعركة لم يعنف أو يعاتب أصحابه وهذه قضية مهمة للقائد عندما يأخذ مشورة أصحابه، فما بالنا اليوم إذا إختلف الواحد منا مع أصحابه يحتج بأنه هو أعلم.

في قوله (وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) تذكرت موقف عبد الله بن أبيّ هو انخذل بالجيش وأكثر ما جعله ينخذل أن يقول محمدا يطيع الفتية وقد نصحته أن يبقى بالمدينة.فلما رأى النبي خرج من المدينة إستغل الفرصة وانسحب بالجيش.

هذا البيان الذي صدر من الله سبحانه وتعالى، كم فيه من الدروس التي نستنبطها. كل هذه الدروس من الإنكسارة وأكثرها من القرح الذي أصاب المؤمنين لما فيه من العبر والدروس. نذكر عمرو بن الجموح وهو شيخ أعرج قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني أريد أن أطأ الجنة بعرجتي هذه وأبنائي يمنعونني و قد أراد الله له خيرا وقد إستشهد (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ) من 140 آل عمران. وأيضاً عبد الله بن حرام أبو جابر في بدر خرج ابنه وإستشهد. فلما جاء يوم أحد طلب أن يخرج فإستشهد {لما قتل عبد الله ابن عمرو بن حرام يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جابر ألا أخبرك ما قال الله عز وجل لأبيك قلت بلى قال ما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب وكلم أباك كفاحا فقال يا عبدي تمن علي أعطك قال

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير