تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)

الخذلان في وقت الشدة

(وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا) نبدأ بالحديث في مسألة الخذلان المؤمنين وقت الشدة وعقوبته. ويظهر ذلك جليا في موقف المنافقين في غزوة أحد عندما خذلوا النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في موقف عصيب. كيف تصرف صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف؟ لاحظ في قوله سبحانه وتعالى {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} قال المؤمنين ولم يقل وليعلم الذين آمنوا أما بالنسبة للمنافقين فقال الذين نافقوا. ولعل السبب في تغيير التعبير أن ظهور النفاق وبروزه في موقف خذلان هذا الجيش من المنافقين ظهر وكأنه يتجدد وكأنه يبرز لأول مرة للرسول صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين معه فجاء بالجملة الفعلية التي تفيد التجدد والحدوث. أما (ليعلم المؤمنين) هؤلاء المؤمنون الراسخون لم يتغير في موقفهم شيء فجاء بالجملة الإسمية. النبي صلى الله عليه وسلم عندما خذله المنافقين كان عددهم كبيراً يصل إلى ثلث الجبش و صلى الله عليه وسلم صبر وثَبَّت المؤمنين كلٌ في مكانه. ويقال في كتب السيرة أنه عُرض عليه أن يستعين باليهود فهم حلفاء فرفض وقال صلى الله عليه وسلم (مالي واليهود) فلم يستعن باليهود مع أن كان الموقف محرجا ولو كان إستعان بهم لقلنا هذا من باب السياسة الشرعية ولكان مقبولا عند كثير ممن يراقب الموقف ولكنه بالرغم من ذلك رفض وثبت الذين آمنوا ولم يستعين باليهود. الله يثبت المؤمنين في ساعات الشدة جزاء لهم على أعمالهم السابقة وإيمانهم وصدقهم مع الله وتوكلهم عليه. وتظهر آثار التثبيت في وقت الشدة. أيضا معرفة حقائق الناس ومعرفة أخلاق الناس وطبائعهم الذاتية. أظن أنه صلى الله عليه وسلم قد لاحظها بشدة في هذا الموطن فعندما عُرض عليه أن يستعين باليهود يعرف أن اليهود لا يقاتلون إلا من وراء جدر وأنهم جبناء يحبون الحياة ومثل هؤلاء لا يمكن أن يغامر الإنسان بوضعهم في معركة قد تكون مفرق طريق فقد يتسببون في مثل ما تسبب فيه عبد الله ابن أبيّ ويحدث من الفشل والخذلان أكثر مما حدث مع عبد الله ابن أبيّ. أتعجب لشىء في هذه السورة وسائر القرآن أن قلما يذكر مواقف المنافقين إلا وتُُتبع بالحديث عن اليهود هنا السورة ذكرت مواقف المنافقين وبعدها وبعدها {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} من 181 آل عمران. وفي سورة الحشر لما جاء موقف اليهود قال بعدها {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)} وفي سورة الأحزاب لما ذكر المنافقين والأحزاب ذكر اليهود. لماذا؟ لوجود تشابه بين تصرفاتهم ومعرفتة هؤلاء بالحق وكتمانهم له ومعرفة هؤلاء بالحق وكتمانهم له. فالنبي صلى الله عليه وسلم لن يغامر بقبول مثل هؤلاء لأن في نهاية المطافسيرجع أثره على المسلمين. يبدو أن هناك اتفاق استراتيجي بين اليهود والمنافقين من عهد صلى الله عليه وسلم إلى اليوم. ونلاحظه ونراه كما كنا نشاهد عهد صلى الله عليه وسلم. إتفاق على أعلى المستويات وحتى في أخص الأمور وكأنهم أخوة. لا يستحوا من الله. لم ينتصر أهل الكتاب على معركة في التاريخ إلا وكان المنافقون هم الذين يدخلون عن طريقهم (الطابور الخامس) الذين يُفشلون الصف الإسلامي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير