تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لأن الأصل في المريض أن يكون مضجعا فبدأ من تحت مراعاة لحالته. لأن المريض كلما كان مضجعا كان أشد مرضا قال دعانا لجنبه وهذا أدعى للإجابة أو قاعدا أخف. أما هنا ذكر العبادة قياما وهو الأصل. وبعضهم قال القنوت وهو طول القيام ثم بعدها قاعدا ثم على جنوبهم. وأيضا فيها أن الذكر يقال في كل الأحوال وليس في حالة واحدة فقط وما يكون من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله في كل أحواله. قالت عائشة رضي الله عنها تصف النبي صلى الله عليه وسلم {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: العلل الكبير - الصفحة أو الرقم: 360. خلاصة الدرجة: صحيح}. يعني في الفراش وعندما يقوم وعندما يصلي وعندما يدخل ويخرج من الخلاء وعندما يركب, أي في كل الأحوال. ولا يكون الإنسان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يكون كذلك. تصور لو كان الذكر مثل الصلاة لا يكون إلا في أوقات مخصوصة وطريقة مخصوصة سيكون صعباً. {أن رجلا قال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله. الراوي: عبدالله بن بسر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3375. خلاصة الدرجة: صحيح}

لاحظوا أن من فضل الله علينا أن علمنا كيف نذكره. علمك ما هو الذكر الذي تقوله لتذكره به. أمرك أن تذكره ثم فال إذا أردت أن تذكرني فقل كذا وكذا. حتى الرسول صلى الله عليه وسلم يقول يوم القيامة أنه يأتي فيسجد بين يدي الله { .......... فأنطلق، فآتي تحت العرش، فأقع ساجدا لربي، ثم يفتح الله علي، ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلي، ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك، سل تعط، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: يا رب! أمتي أمتي، فيقال: يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب .... الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1466. خلاصة الدرجة: صحيح} أي يفتح علي أن أذكره بأشياء جديدة. كذلك هنا هذا من فضل الله علينا عندما قال هنا قولوا {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ}. ما أجمل التعليم! يعلمك كيف تدعوه ويبشرك أنه يستجيب لك وهذه لا تكاد تجدها في كتب أهل الكتاب تعليم العبد كيف يذكر ربه. ولذلك نلاحظ في الاية {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} هذه تعلموها من ربهم {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا (27) ص}. علمه كيف يدعوه. هذه الآية كان صلى الله عليه وسلم يذكرها إذا قام من الليل في العشر آيات الأخيرة من آل عمران قبل أن يصلي. وهذا يعطيك تنبيه لماذا خص الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الآيات؟ لأن هذه الآيات فيها تذكير بهذه العبادة عبادة الذكر والتفكر والأدعية عندما تقولها في ظلام الليل والإنسان مستقبل عبادة من أشرف العبادات وهي قيام الليل ويتلو هذه الآيات ستجد أنها مناسبة. أقول اختارها صلى الله عليه وسلم أو أوحي إليه بها وهي بالفعل في مكانها وأقول هذه سنة فاعملوا بها لتعلموا أن هذه الآيات وضعت في مكانها خصوصاً إذا علمنا أنها بدأت بأمر بيان عظمة الرب من خلال رؤية مخلوقاته {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}. من هم أولوا الألباب؟ هم {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}. هم يخرجون من الذكر إلى التفكر ويتفكرون في السماوات والأرض ثم يدعون أي بدأوا بالذكر ثم عادوا إلى الذكر وهو الدعاء {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. وهناك أمر أتمنى ألا يغفل عنه الإنسان. يظن الناس أن الذكر باللسان ولكن الحقيقة أن الذكر بالقلب ولكنه يظهر على اللسان تقول نسيت شيء فذكرته أي ذكرته بقلبك. أفضل الذكر ما كان بالقلب واللسان. ذكر اللسان ذكر محمود ولكن أفضل منه وأعظم ذكر القلب لأنه هو الأصل. وهو الذي يطهر القلب ويزكي القلب ويتحرك به القلب وهو الذي ينسى ويغفل. لاحظ {لِأُولِي الْأَلْبَابِ} إشارة أن ذكر الله دليل على عقل صاحبه، الرجل كلما زاد ذكرك لله دل ذلك على عقلك وأنت صاحب لب وأنك فعلاً رجل عاقل لأنك تكثر من ذكر الله سبحانه وتعالى. نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن المتدبرين له والعاملين به على أكمل وجه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير