تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

جدا بالنسبة لكم. لا، فالأمر هو الذي يحسبه ويقول به هو الله سبحانه وتعالى فلا تنظروا إلى هذا العدد. ولذلك فإن (أذلة) فيها هذا المعنى وهو أن ذل القلب بين يدي الله عندما يكون في هذه المواطن بل في كل المواطن. فأنت ما دمت ذليلاً لله خاضعاً لله تعلم أن النصر لا ينزل إلا من عنده أبشِر بالنصر. أما إذا دخلت وأنت فيك من العنجهية والكبر والإعجاب بالعدد والخطط وغير ذلك فاعلم أن الله يكلك إليها ويريك ضعفك وضعفها. ولذلك ذكر الله أن هذا من أسباب هزيمة المشركين {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47)} (الأنفال). معروفة قصة أبو جهل عندما قال لن نرجع حتى تنحر الجزر ونشرب الخمر وتعزف القيان وتسمع بنا العرب. وفعلا سمعت بهم العرب ولكن بخلاف ما كان يخطط له، قتلى أسرى. وبالإضافة إلى ما ذكر في (أذلة) فإن من يصف المؤمنين بهذا الوصف هو الله سبحانه وتعالى ولذلك جاء الوصف منه مقبول سبحانه وتعالى يصف المؤمنين أنهم أذلة بين يديه ولذلك نصرهم بخلاف لو جاء وصف المؤمنين أنهم أذلة من أعدائهم لما كان هذا مقبولا. فعماد النصر هو التقوى. الصحابة والخلفاء رضي الله عنهم كانوا كلهم ينطلقون من هذه المعاني. في كل المعارك يوصون ويقولون أنكم لن تنتصروا بالعُدّة ولا بالعدد وانما تنتصرون بأعمالكم. ويقال كتب عمر رضي الله عنه لجيش سعد وقال إنكم لا تنتصرون بعددكم ولا بعدتكم ولكن اللهَ اللهَ في الذنوب والمعاصي أن تؤتَوْا من قبلها. أحيانا بعضنا يقرأ هذه الكلمات في التاريخ ويقول أن هذه الوصايا فيها نوع من النرجسية، أين الدعم؟ أين السلاح؟ أين المال؟ أين الرجال؟ لكنك لما تتأمل القرآن الكريم تجد أن هذه القواعد ثابتة {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)} ولكن بدون أن نهمل الأسباب نتخذ كل ما بوسعنا من الأسباب التي يستجلب بها النصر وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.حتى التخطيط الحربي الدقيق كل ذلك نفعله ثم نعلم أن هذا لن يغنينا من الله شيئا ونعلم أنما النصر هو من عند الله وأننا ما فعلنا الذي فعلنا إلا طاعة لله.وأن الله قادر على أن ينصرنا وينصر أهل الإسلام في كل زمان ومكان بدون أن يتخذوا شيئا من الأسباب. ولكن الله تعبّدنا بإتخاذ هذه الأسباب وهذا أمر قد يغفل عنه بعض الناس. يقولون أن عمرو بن العاص في معركة أجنادين أرسل من يجس نبض الروم من باب اتخاذ الأسباب. فجاء الرسول فما شفى غليله. فأرسل رسولاً آخر فقال اسأل عن كذا وكذا ولكن ما شفى غليله. فذهب عمرو بنفسه إلى القائد ولو عرف القائد أن هذا عمرو بن العاص لقتله. فذهب عمرو بن العاص فتحدث مع القائد وكأنه أحس أنه قائدهم وقد سمع عن ذكائه ومواصفاته وكأنه أشار إلى من يقتله. فهم عمرو بن العاص إشارة الرجل فقال أنا من أحد عشر أرسلنا أمير المؤمنين لنكون مع عمرو بن العاص وأنا قد أعجبني كلامك وسأذهب أحضر لك العشرة حتى يسمعوا ما سمعت منك. فرأى القائد في ذلك فرصة وأفلت عمرو منه. الشاهد أنهم لم يغفلوا اتخاذ العدة ولكن لم يعتمدوا عليها وهذا هو الفرق.

إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124)

أي في بدر إذ يقول لهم كانوا أذلة. ومحتمل أن تكون في بدر أو في أحد {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124)} وفي سورة الأنفال قال تعالى {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)} (الأنفال) فقوله (مردفين) أي يردف بعضهم بعضا ولم يحدد كم يكون الرديف. فبينت هذه الآية أن الأرداف كان باثنين أي كل واحد أردف باثنين ويكون هذا تفسير لما أجمل في (مردفين) إذا قلنا أن هذه كانت في بدر {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124)} ثم قال بلى أي يكفيكم ثم شرح أن {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير