تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الوليد رضي الله عنه وهو في هذا الإتجاه وقطع مسافة في البادية لقيه بعض الروم يخوفه قال ما أكثر جيوش الروم!. فقال أتخوفني بكثرة الروم والله لوددت أن الأشقر برئ من علته (الحصان) وأن الروم أضعفت في العدد. وفعلا لما اجتمعت جيوش المسلمين كانت خمسة أو ستة وثلاثين ألف مقاتل مقابل مائة وعشرون ألف ونصرهم الله سبحانه وتعالى. ونلاحظ في كلام خالد بن الوليد رضي الله عنه التوكل الصادق على الله مع التنظيم والترتيب. ولكن هناك توكل صادق وحقيقي على الله.وكانت في الجيوش بركة يثبتون الناس. كم من الصحابة رضي الله عنهم كان يحفر مكان قدمه حتى لا يتراجع ويحمل الراية. وسقطوا رضوان الله عليهم شهداء ولكن وقفوا وثبتوا وصدقوا ما عاهدوا الله سبحانه وتعالى عليه.

وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)

الذلّة هنا بمعنى القلة وليس الذُل أي عددهم قليل لأن الآن ومثل ما ذكرنا قضية القلة والكثرة في المعارك خاصة معارك المسلمين ليست هي الأصل ولكن الأصل هو ثبات هؤلاء المؤمنين بما عندهم من إيمان. عشرة آلاف مقابل مائة ألف المنطق والعقل يقول أن هؤلاء سيهُزَمون ولكن أنظر إلى {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)} و {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)} ولاحظ أنه جاء بالتقوى في قوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)} إشارة إلى أن سيقع شئ في هذه الغزوة يخالف التقوى فوقعت الهزيمة ولذلك فإن هذه المقدمة {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121) إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)} في البداية فيها مخالفة من المخالفات التي وقعت في هذه الغزوة. والإشارة الأخرى يذكّرهم ببدر. لقد نصركم في بدر وعددكم قليل فاتقوا الله إن أردتم النصر لعلكم تشكرون. والشكر يكون بالعمل. وما هو العمل؟.هو عمل الطاعة {اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)} (سبأ).ليس الشكر مثل ما نجده الآن من ينتصرون يقيمون الحفلات والمهرجانات. هذا مخالف لما يحبه الله ورسوله. لم نجد أن الرسول أقام احتفالا أو مهرجانا عندما انتصر في بدر. الرسول هو قدوة لنا لم يفعل مثل هذا. فعندما نجد مثل هذا فنعتبر هذا نوع من المخالفة يحتاج الإنسان أن يعيد حساباته في هذا الأمر. إذا أردت أن تشكر الله فاشكره بالطاعة ولهذا من لطائف سورة سبأ أنها ذكرت آل داوود وكان آل داوود أهل شكر وهو مثال عملي للشكر. وبعدها مباشرة {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)} (سبأ) وبعدها {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17)} (سبأ) مثال آخر ضد الشكر وهو كفر النعمة.

وفي قوله (أذلة) لمحة أخرى أيضا بالإضافة إلى قلة العدد وهو أن هذا الذل الظاهر بقلة العدد أورثكم تعلقا بالله وتوكلا عليه. كان عددهم 314 في بدر وكان عدوهم الألف أو فوق الألف. هذه الذلة جعلت المؤمنون لا يتكلون على شئ من أسبابهم وإتكلوا وإعتمدوا على الله ودخلوا المعركة ومعهم سلاح الإيمان ولذلك جاءت ضد هذه القضية في حنين {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25)} (التوبة) ماذا أإنت الكثرة؟! أنتم الآن اعتمدتم على الكثرة وتوكلتم عليها ورأيتم أن العدو سيكون لقمة سائغة وسهلة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير