تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)

هذا المدد بشرى لكم. هذا للتبشير فقد أخبرهم صلى الله عليه وسلم بوجود الملآئكة بينهم. أنا أتصور أن إذا قال صلى الله عليه وسلم للصحابة خبرا فكما يقول أبو بكر إن كان قال فقد صدق. هذه النفسية كيف ستقاتل؟ لا شك أنها تقاتل وهي مطمئنة ومرتاحة. وهذا التطمين الإلهي لهم بأن جعل الملائكة تقاتل معهم جعلهم يستقرون ويقاتلون وهم يشعرون بأنهم قد أمدوا بهؤلاء الملآئكة. ثم قال بعد ذلك {وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} واطمئنان القلب هو الأصل لأنه إذا فزع القلب لإضطربت الجوارح ولذلك قالوا {قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250)} (البقرة) تثبيت القدم تربيط للقلوب {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)} (الأنفال) هذا من المستحسن أن نلاحظ ترابط بين بداية سورة الأنفال وبين هذه الآيات بل هناك بعض اختلاف {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)} (الأنفال) وهنا قال {(وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)}. ومن حكمة إنزال الملآئكة أيضا {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)} أي من حكمة ترك جزء من المشركين أسرى ومشردين رجعوا قال الله تعالى {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} قد يتوب عليهم وقد يسلموا. كما نتأمل عكرمة بن أبي جهل كان على رأس جيش من جيوش المشركين في فتح مكة يحاول أن يصد محمد صلى الله عليه وسلم ولكن أصبح من قواد المسلمين الكبار في اليرموك {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} حتى محمد صلى الله عليه وسلم.

وقوله {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)} مرتبط بالملائكة {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)} أي يقطع طرفا بهذا الإمداد أي فريق من الذين كفروا. لماذا لم يبد المشركين عن بكرة أبيهم ما دام الملائكة موجودين؟ الله قال لا (طرفا). وقد لفت نظري في أدب الجاهلية لم أجد أحد منهم يعيّر المسلمين بقوله أنتم لم تنتصروا علينا بقوتكم بينما انتصرتم علينا بالملائكة لم أجد هذا. ولعل هذا من حكمة أنه لم يكون دور الملائكة دور ظاهر أي أن المسلمين لم يمارسوا القتال وناب عنهم الملائكة. لا، قتل من المسلمين كثير واستشهد منهم كثير. وهذا لو ظهر لآمن الناس كلهم مثل أيضا لو انتصر المسلمون في كل موقعة لآمن الناس كلهم. لأن من طبيعة النفس البشرية أن تميل مع القوي الذي لا يُهزَم ولكن الله يجعل ذلك ابتلاء {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (آل عمران 140). الأخبار التي وردت أن الصحابي إذا أهوى بالسيف يريد أن يقتله فإذا به ينشق لأنه للملك ولكن هو يقاتل ولذلك قال {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} وهذه من الاستدراك أو الجمل المعترضة اللطيفة جدا. والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. لأن أصل الخطاب بدون الإستدراك" ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون فجاءت "ليس لك من الأمر شيء" في موطن فيه من البراعة ما يجعلك تتأمل وتقف.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير