تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد يستدرك البعض في قول "فيه براعة" حيث هل يجوز أن يوصف كلام الله بأن به براعة استهلال؟ ولكن يمكن أن يقال أن هذا أسلوب عند العرب يسمى اصطلاحا "براعة استهلال". والقائل بهذا يرى أنه من باب الأدب مع الله ونحن نحمد له هذا ولكن هل كجانب علمي فيها انتقاص أو محذور؟ أو خطأ محض؟ ولكن نحن ننبه السامع إلى استخدام كلمات مثل "حسن التخلص" و" براعة الاستهلال". كلها نفس المعنى.

ومثل هذا أمر آخر ننتبه إليه في باب ما ينسب إلى الله سبحانه وتعالى أن أسماء الله توقيفية بألفاظها ومعانيها فما نزيد في أسماء الله شيئا لم يرد في الكتاب ولا في السنة.والصفات يتوسع العلماء فيها لأنها مستنبطة من الأسماء ولذلك يرون أيضا أن يضاف في الصفات ما لا يضاف في الأسماء فمثلا صفة المكر والخديعة تضاف بضوابط معينة ومعروفة {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)} (النساء) و {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)} (الأنفال). الأمر الثالث وهو أوسع منهما وهو أفعال الله والباب فيها واسع جدا وهي واردة في السنة النبوية وواردة على ألسنة العلماء رحمهم الله تعالى فيقولون مثلا اللهم هازم الأحزاب مجري السحاب فهي ليست من باب أسماء الله ولا من باب الصفات لأن الصفات فيها نوع من الثبوت وهذه من باب الأفعال مثل اللهم العن الكفار واهزمهم يا هازم الأحزاب ويا مجري السحاب فلا يسمى الله المجري ولا يقال في صفاته المجري ولكنها الأفعال. والأفعال بابها واسع. والله أعلم. إذن القاعدة في ذلك أن في باب الإخبار أوسع بشرط أن لا يكون ما يُخبَر به عن الله فيه تنقّص. ونذكر أبيات جميلة للسيوطي في ألفيته عن البلاغة عندما تكلم عن سور القرآن الكريم وما فيها من حسن التخلص وحسن الاستهلال والبداءة فقال:

وسور القرآن في ابتدائها وفي خلوصها وفي انتهائها بالغة أبلغ وجه وأجلّ

وكيف لا وهو كلام الله جلّ ومن لا أمعن في التأمل بان له كل ما هو خفيّ وجلي

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[10 Jan 2010, 01:13 م]ـ

الحلقة 16

لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)

تحدثنا في المجلس السابق حول بعض معاني (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)) ونتحدث اليوم عن بعض ما تفيدنا هذه الآية. قوله سبحانه وتعالى (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ونلفت النظر إلى قضية مهمة جدا في القرآن وهي تأديب الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وتحليته له بالفضائل. وسيأتينا في السورة مجموعة من الأوامر مقصود بها النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة وإن كان الخطاب العام ممكن أن يشمل النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الذي يقصد به النبي مباشرة أن يوجه له الخطاب كقوله سبحانه وتعالى (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) هي مرتبطة بقوله {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)}. لو لاحظنا هذا مرتبط بجانب "الرد" لما جاء عند الآخر بعد أن قال (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) هذا احتمال أنه بعد أن يقطع طرفا منهم أي فريقا منهم أو يكبتهم فينقلبوا خائبين قال بعد ذلك (أو يتوب عليهم) على هؤلاء المشركين فإن تاب عليهم يسلمون وهذا من رحمة الله بعباده. فإن لم توقع لهم التوبة في قدر الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير