تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

النهاية اجتهاداً. الطاهر بن عاشور في قضية إعمال العقل في محاولة الترتيب هذه يقول بعد كلام طويل: فالذي يظهر أن نزول سورة النساء كان في حدود سنة سبع وطالت مدة نزولها ويؤيد ذلك أن كثيراً من الأحكام التي جاءت فيها مفصلة تقدمت مجملة في سورة البقرة من أحكام الأيتام والنساء والمواريث فمعظمها سورة النساء شرايع تفصيلية في معظم نواحي حياة المسلمين الاجتماعية من نظم الأموال. فكون سورة البقرة مدنية وسورة النساء مدنية أيهما نزل أولاً؟ واضح جداً أنه بالأدلة العقلية من الممكن الوصول أحياناً إلى الترتيب. وهذا ليس فيه إشكال.

مقصود السورة:

بعد أن تحدثنا عن إسم السورة ونزول السورة وأنها مدنية وأنها متأخرة في النزول المدني نتحدث عن مقصود السورة. الذي يظهر من كلام كثيرين ممن تحدثوا أنها تتحدث عن حقوق الضعفاء أو حقوق النساء ويدخل فيهم الأيتام وما يتصل بهم. ونريد أن نشير إلى الآيات والمواطن التي أشير فيها إلى مثل هذه الأمور لا على سبيل الحصر وإنما نذكر أمثلة. قال الله عز وجل في أولها (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء (1)) يبين حقيقة مهمة وهي معرفة حقيقة الزوجة بالنسبة للرجل وأنها ليست مخلوقاً غريباً أو غير طاهر كما كانت الأمم الأوروبية تتعامل معها على أنها مملوكة وتسجل بإسم الزوج إلى الآن فيقال فلانة بكنية زوجها، وهذه إهانة للمرأة أنها لا تُنسب إلى أبيها ثم إذا طُلِّقت رجعت إلى نسبها الأول ولا تبقى على الزوج معناه أنهم يتركون النسب الأصل. ولا ندري ما الحكمة من هذا؟ والغريب في الأمر أن الذين ينادون بحقوق المرأة كأنهم يتغافلون ويتعامون عن مثل هذه الأشياء قصداً لأنهم يعرفون أنها ضد ما يدعون إليه وإلا بعض هؤلاء يذكرون فلانة من المسلمين وتُنسب إلى زوجها وهذه عندنا غاية الإهانة فالمرأة تنسب إلى أهلها كما ينسب الرجل إلى أهله وذويه ويبقى هذا النسب لاصقاً بها حتى تموت، هي إنسانة مستقلة كما أن الرجل كذلك.

أيضاً تحدثت السورة عن نكاح اليتيمات وشأن الأيتام في هذه السورة كما ذكرنا قبل قليل عما ورد في التحرير والتنوير لابن عاشور قد ذكر في سورة البقرة مجملاً وفي هذه السورة ذكر مفصلاً بل ذكرت أحكام خاصة بالأيتام لم تذكر في سورة البقرة مثل نكاح اليتيمات، قال الله عز وجل في أول السورة (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3)).

وتحدثت السورة عن صداق المرأة لأن هذا من حقوقها وأيضاً نسبه إليها نركز على هذه القضية لأنه نلاحظ الآن أن هناك هجمة من دعاة تحرير المرأة على أن المرأة في الإسلام مظلومة نحن نقول تحرير المرأة في الإسلام أو نقول تحرير المرأة من جهة الإسلام أن التحرير الحقيقي نابع من الإسلام وهو دين الله سبحانه وتعالى وهو الذي قال (وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ (4)) نسب الصدقات لها ولهذا ليس لأحد بأي حق لا لأبٍ ولا لأمٍ ولا لأختٍ وهذا لا شك نوع من التكريم ولا بد أن يوازن بين ما كان سابقاً من حضارات وما كان معاصراً للإسلام وما كان بعده وما نجده اليوم من الحضارات وكيف تتعامل مع المرأة.

في تفصيلات الأيتام قال أيضاً (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا (6)) في تفصيلات الأموال وإيتاء المرأة حقها كاملاً في الميراث خلافاً لما كان يفعل في الجاهلية أو خلافاً لما تفعله الحضارة الغربية لأن الرجل يتصرف بالمال كيف يشاء ولا يعطي أبناءه فقال عز وجل (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير