تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

صلة الرحم الموجودة في أو ل الآية نلاحظ أن السورة كلها تؤكد هذا المعنى من حيث (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ (11)) هذه صلة رحم، (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ (12)) العلاقة بين الزوج وزوجته متعلقة بالرحم أيضاً، تقسيم التركات والمواريث هذه صلة رحم وعدم تقسيم المواريث هذا يوصل إلى قطيعة رحم. البدء بقوله (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) إضافة إلى الصة الموجودة بين بثّ والأرحام لكن بقية السورة كلها تؤكد هذا المعنى وهذا يسمى براعة الاستهلال عند البلاغيين. والدكتور عبد الحميد طهماز رحمه الله –وقد توفي الدكتور نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته- ولعلّنا نعرّف بكتابه "حقوق الإنسان في سورة النساء" للشيخ عبد الحميد محمود طهماز رحمه الله وهو من أهل حماه من سوريا توفي عن 75 سنة، له سلسلة "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" وهي سلسلة ميسرة ومبسطة وتقرأ الكتاب هذا بالرغم من وجازته فتأخذ فكرة عن سورة النساء وكذلك بقية سور القرآن الكريم. والشاهد أنه سمى الكتاب "حقوق الإنسان في سورة النساء" الآن ما أكثر المواثيق التي تكتب لحقوق الإنسان من الأمم المتحدة والقوانين المعاصرة، ليس هناك الآن نصّ في هذه الحقوق التي يزعمونها على مسألة صلة الأرحام التي جاء بها الإسلام، هذا المعنى الشرعي السماوي "صلة الرحم" وحتى عندما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الرحم عندما خُلِقت فتعلّقت بالعرش واستجارت بالله سبحانه وتعالى من القطيعة قالت هذا مقام العائد بك من القطيعة فقال ألا يرضيك أن أصل من وصلك وأن أقطع من قطعك، وتأمل قوله تعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) محمد) ونحن ننظر للموضوع ببساطة شديدة على أن مسألة الرحم مسألة اختيارية إن شئت أن تصل وإلا أنت في حلّ ولكن المسألة ليست بهذه البساطة بدليل العقاب (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)) إن توليتم عن الاستجابة لهذا الأمر. صلة الرحم واضحة في سورة النساء بشكل كبير جداً وكونها من أظهر حقوق الإنسان على أخيه فضلاً عن أنها تكون حقوق المسلم على أخيه، حقوق الأقارب. وهناك مسألة مهمة وهي أنه قد يفهم بعض الناس أن الصلة تعني أن لا يحدث منه سوء وليس هذا هو المقصود هناك حقوق وقطيعة بمعنى أن يقطع الإنسان الرحم ويسيء إليها وهناك سلبية في التعامل مع الأرحام، لا يؤذيهم ولكنه لا ينفعهم ولا يصلهم ولا يقدم لهم خيراً ولا يتبع جنازتهم ولا يعود مريضهم ولا يواسي ضعيفهم وهذا حرام أيضاً لأن المأمور به هي الصلة والصلة أن تصل ببرّك وإحسانك ونفسك وعونك ورِفْدك وأشياء كثيرة جداً ولهذا نقول ليس المطلوب منك ليس أن تكون غير مؤذٍ ولكن المطلوب أن تُحسن وتجتهد في الإحسان وأن تبالغ فيه ما استطعت. ولو جلسنا نتحدث عن طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في إيصال هذا المعنى إلى أصحابه وإقناعهم به وبيان كيف كان صلى الله عليه وسلم يصل رحمه ويوصي بصلة الرحم لن تكفينا جلسة ولا جلستين.

هناك كتاب طُرِح حديثاً سنقرأ منه عبارة ونعلّق عليها وهو كتاب جديد طبعته الأولى عام 1430 هـ من كتب التفسير وهو "فتح الرحمن في تفسير القرآن" للإمام القاضي مجير الدين بن محمد العليمي المقدسي الحنبلي توفي سنة 927 هـ. في نفس السورة في الآية التي نتكلم عنها لما تكلم عن قوله (يا أيها الناس) يقول خطاب لجميع بني آدم ثم قال الناس نعتٌ لـ (أيّ) والناس والمؤمنون ونحوهما تعمّ العبيد عند أحمد وأصحابه وأكثر أتباع الله (نذكر هذا لكي أنبّه أثر المذهب في إبراز هذه الفائدة مع أن كثيراً من المفسرين لا يذكر هذه الفائدة). لكنه أشار إلى مذهب الإمام أحمد أنه يرى أن كلمة (الناس) تشمل الحرّ والعبد والمؤمنون. إذن في الخطاب هنا بالأمر أو النهي يشمل هؤلاء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير