تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذه مبادرات رائعة لكن هذا التشريع السماوي الذي ذكره الله تعالى في القرآن في أكثر من موضع جدير بأن يكون حظه أكثر من هذا سواء على مستوى الدول أو الأفراد ولكن نسأل الله أن يتجاوز عنا. يذكر بعض المحامين أنه إذا جاءته قضية لأرملة أو يتيم فإنه يدافع عنها بدون مقابل فيقولون أنه ما قام بشيء من هذا إلا عوضه الله عز وجل بقضية أخرى حصّل منها خيراً كثيراً.

في قوله تعالى (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ) هذه من لطائف القرآن، هل الآن النهي منصبّ على أن هذه السورة لا تأكل أموالهم إلى أموالكم، بعض اللغويين يقول (إلى) بمعنى (مع) يعني تأكل أموالهم مع أموالكم أو على قول التضمين يعني تأكلوا أموالهم ضامّينها إلى أموالكم فيقدّم الفاعل أو الشبيه بالفعل لكي يتناسب مع حرف الجر (إلى) لا تأكلون أموالهم ضامّينها إلى أموالكم. السؤال هل هذا القيد مقصود النهي (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ)؟ (إلى) لو أكلته بدون أن تدخله إلى مالك؟ واضح أن فيه اختلاط، وهذا هو الغالب في التصرف أن يضمّ مال اليتيم إلى مال الشخص ويدمجهما بحيث يذوب هذا بهذا لكن ذاك أشد وأنكى لو أكل مال اليتيم صراحة!. ولهذا (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ) هذا نهي رقم ثلاثة لأنه قال أولاً (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)، ثانياً (وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) والثالثة (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ) فإذن يكون هناك نوع من العدل لأنه عندما تخلط سيكون تمييز مال اليتيم عن مالك صعباً. لذلك ستأتي الآيات الدالة على إباحة اختلاط المال لكن بما يصلحه وهو العدل. لذلك جاء الجواب عنها في قوله تعالى في سورة البقرة (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ (220)) لأنها جاءت في حلّ إشكالية لما تحرّج الصحابة من خلط أموال اليتامى مع أموالهم خشية أن يصيبهم شيئ من الحرج فصار الحرج مضاعفاً لأن مال اليتيم سيتلف بشكل مضاعف عندما تشتري له خبزاً لوحده وطعاماً لوحده ستتضاعف عليه التكلفة بخلاف ما لو أكل مع المجموعة ودخل كسهم من أسهمهم فالله عز وجل رفع الحرج عنهم وبيّن أن رفع الحرج متصل بالتقوى (فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ (220) البقرة) وقدّم المفسد لأنه أغلب أو لأنه يراد تهديده، لما يؤتى بعلم الله يراد منه التهديد ويراد به العجلة والمثوبة. (وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أي لشق عليكم ولأمركم بالفصل في كل ذرّة. ونحن نقول الإنسان يتقي الله ويراقبه في هذا الأمر. حتى في التجارة إذا دخل الإنسان في تجارة وأراد أن ينمي مال اليتيم يدخل في تجارة يتيقن بالفعل أنها محل النماء، أو يغلب على ظنه.

(إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)) الحوب هو الإثم العظيم ولذلك ذكره هنا ولم يرد في القرآن إلا في هذا الموطن إشارة إلى أنه ذنب عظيم.

لماذا عبّر بالأكل ولم يعبر بالأخذ في الآية (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ)؟ هل لأن الأغلب في انتفاع الناس بالأموال الأكل؟ لذلك جاء (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا (19) الفجر). الذي ذُكِر أن أكثر ما يستخدم المال هو للأكل فعبر عنه بذلك والمقصود أخذ المال. وأيضاً الأكل فيه إشارة إلى أنه لا يبقي له أثراً يعني يأخذ كل أموال اليتيم ولا يترك له أثراً فلا يأكل اليتيم فيه أي شيء فالتعبير (إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا) هو متناسب مع هذا النهي العظيم جداً المتعلق باليتيم وكأنه يحتاج بالفعل لهذا التهديد الشديد لأن هذا الفعل إن فعلتموه فإنه إثم وليس إثماً فقط بل إنه إثم كبير وعبّر عنه بالحوب الدال على ضخامة هذا الإثم ثم أيضاً وصفه بأنه كبير.

محاور الحلقة:

التنبيه في الآية على ضرورة صلة الرحم

براعة الاستهلال في السورة

كتاب "حقوق الإنسان في سورة النساء" لعبد الحميد طهماز رحمه الله

أوجه القرآءة في قوله تعالى (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ)

إعتراض البصريين على قراءة (والأرحامِ) بالجرّ

وجه ردّ قرآءة (الأرحامِ) بالجرّ: قالوا لا يعطف إسم ظاهر على مُضمر

مناسبة ختم الآية بقوله تعالى (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)

المُراد باليتيم

المُراد بقوله (وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ)

بُثّت الحلقة بتاريخ 26 رجب 1431 هـ الموافق 7/ 7/2010م

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[10 Jul 2010, 05:20 م]ـ

وهذا رابط الحلقة المرئية من موقع الموسوعة:

http://www.almoso3h.com/video/6072/ بينات-تدبر-سورة-النساء-الايتان-1 - و-2

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير