تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) الإنسان الذي يخاف الله عز وجل لا يحب أن يكون ما يأكله خبيثاً ولا ما يأخذه خبيثاً فيقول (وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) لأنه ما تأخذه من مال هذا اليتيم سيكون خبيثاً لأنك تأخذه بغير حق. والعجيب أنه يصف الخبث في المال في أكثر من موطن في القرآن مما يدل على أن وصف الخبيث مع أنه أحياناً لا يكون ظاهراً له مدى الخبث الذي يكون في مثل هذه الأموال وأيضاً يدخل عليه الخبث في ماله كله وحياته وفي أهله فيفسد عليه ماله الطيب. والخَبث فيما يبدو أنه درجات بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر أجرة الحجّام وحلوان الكاهن ومهر البغي ذكر في كل واحدة منها أنه خبيث مما يدل على أن الخبث أصناف هناك خبث بمعنى أنه ليس هو الأولى ولا ينبغي للإنسان أن يجعل رزقه منه ليس لأنه محرماً لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الحجّام أجره ومع ذلك سمّى أجرة الحجام خبيثة لأنها شيء مسترذل ليس هو الأولى أن يجعل الإنسان مهنته الأساسية التي يعيش منها ويسترزق هذه الصنعة. ويصل الخبث إلى أن تفعل الفِعل المحرّم فتأخذ منه أجرة كما هو مهر البغي نسال الله العفو والسلامة. ويصل الخبث أن يكون فيه تعدي على حقوق الآخرين كما في أكل مال اليتيم. وقد يزيد الخبث على ذلك من الاسترزاق من السحر والشعوذة والكهانة وادعاء علم الغيب والشرك بالله عز وجل والعياذ بالله وبيع الأصنام.

(وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ) اليتامى جاء الحديث في هذه السورة عن حقوقهم كثيراً وعن التحذير الشديد من أخذ أموالهم أو التساهل في أكل شيء منها بغير حق أو التهاون في رعاية حقوقهم، فلو يبحث موضوع اليتامى في سورة النساء فهو بحث طويل.

ذِكْر آيات اليتم في القرآن لا أتصور أن مسلماً يسمع هذه الآيات ولا يتأثر بها ولهذا من قدر الله سبحانه وتعالى أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم يتيماً ولهذا ذكّره الله سبحانه وتعالى بآية النعمة عليه في سورة الضحى (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6)) وهذه مفخرة لليتيم أن سيده محمد صلى الله عليه وسلم كان يتيماً ولهذا في نفس السورة قال تعالى (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)) ولهذا سبحان الله قال (كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) الفجر) (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) الماعون) انظر كيف هي أخلاقيات أهل الجاهلية مع أنهم كانوا يتساءلون بالأرحام كيف كانوا يتعاملون مع الضعفاء وهم من الأرحام! لما تذكر مثل هذه الايات التي وردت في اليتيم ستجد فيها غناء ولم يشر أي دستور من دساتير البشر إلى هذه الحيثية وبهذا الوضوح حتى مراعاة نفسية اليتيم وتفاصيلها ومشاعرها وأحساسيها قال تعالى (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (8)) أين تجد هذا؟! هؤلاء ليس لهم حق قانوني مثل الورثة لكن بما أنهم حضروا يعطوا شيئاً. هذه السورة العظيمة ظاهر فيها إعطاء هؤلاء اليتامى حقهم والدفاع عن حقوقهم وبيان لهم والذي ينتصر لهم هو الله سبحانه وتعالى أوليس حرياً بنا نحن أن ننتصر للضعفاء كما انتصر الله لهم في هذه السورة الكريمة أياً كان هؤلاء الضعفاء حتى لو كانوا من الكفار! هؤلاء الضعفاء ينبغي لنا أن ننتصر لهم وأن نعلي قدرهم وأن نأخذ بحقهم وأن لا ندع أحداً ينتهك شيئاً من حقوقهم وأن نبعث الرحمة في قلوب الناس تجاههم لأنهم يستحقون ذلك ولأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بذلك ولأن الله سبحانه وتعالى فعل ذلك وآثرهم فحري بنا أن نفعل هذا. منظمات حقوق الإنسان ينبغي أن تفعّل في الدول الإسلامية وأن يشارك بها أهل العلم والفضل لأنها في حقيقتها دفاع عن حقوق الضعفاء والمساكين والرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول" إنما تُنصرون وترزقون بضعفائكم"، ولقد فرّطنا في هذا الأمر غاية التفريط ونحن نرى كثيراً من إخواننا المسلمين في كثير من بلاد العالم تنتهك حقوقهم حتى حقوقهم في الحياة حقوقهم حتى في الطعام والشراب والدراسة وأصبحنا لا نحرّك ساكناً نسأل الله أن يلطف بنا وبهم، صحيح أنه موجود في بعض الدول الإسلامية دور لرعاية الأيتام

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير