تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعائشة رضي الله عنها بيّنت معنى القسط أنه العدل وأنه القسط أي الحقّ المستوجب لها وهو واحد لأنه من العدل إعطاؤها الحق المستوجب لها من الصداق أنها تُعامل بمثل ما تعامل به مثيلاتها. فإذا تبيّن هذا الآن تبين قضية النظم بعضه ببعض انتقلنا من حال اليتامى وأموالهم إلى حال اليتامى وأزواجهم.

ولا بد من الإشارة إلى لغة السيدة عائشة رضي الله عنها وهي تفسّر فلغتها في غاية الروعة ولذلك ننصح بقراءة كلامها في كتب السيرة وكتب السنة وعائشة رضي الله عنها من أفصح الصحابة وكانت حافظة للشعر وحافظة للأدب.

والأمر الثاني أن الآية (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء) إذا جمعناها مع الآية (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127) النساء) نجمع هذه الآية مع هذه الآية يتضح المعنى. مستشرق ألماني إسمه بارت كان يتحدث عن هذه الآية من باب التفسير الموضوعي يقول هذه الآية لا يمكن أن تُفهم بمفردها -ومنهج التفسير الصحيح أن سبب النزول مؤثر في فهم الآية ولذلك الذين يهونون من شأن سبب نزول الآية ويقولون أنه ليس مهماً ويمكن أن تفهم القرآن الكريم بدون معرفة سبب النزول هذا غير صحيح وهناك آيات كثيرة لا يمكن أن تفهمها فهماً صحيحاً إلا إذا عرفت سبب النزول مثل هذه الآية- لكن على افتراض أنه هوّن من شأن سبب النزول لجأ إلى الحل الآخر وقال: ولا يمكن أن تفهم هذه الآية إلا إذا ضممنا لها الآية التي في السورة نفسها وهي (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ) لا شك أنها توضح المعنى وعائشة رضي الله عنها استشهدت بها. وتفسير القرآن بالقرآن يحل مشكلة عند بعض الذين لا يعتبرون أسباب النزول ولا يرونه كافياً. فالعناية بسبب النزول لا بد منه.

سؤال: هل إرشاد الولي هنا أو إتاحة الفرصة له أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع مقتصر على هذه الظروف أو هي متاحة لكل أحد؟

هي بلا شك متاحة لكل أحد ولكن الله عز وجل يقول له لا تضيق على نفسك فقد أبحت لك كما أبحت لسائر الناس أن يعددوا فيتزوجوا الواحدة والاثنتان والثلاث والأربع وأن يجمعوا بين الأربع فلماذا أنت يضيق نظرك على أن تصل إلى موطن فيه إثم عليك عندما تتوقع أن لا تعدل مع هذه اليتيمة.

هناك كاتبة -والنساء بصفة عامة يعارضن التعدد طبعاً لا شرعاً ولو يم يرد به الشرع لكان لهم شأن آخر -الكاتبة تقول التعدد غير مباح على الإطلاق، فلما سئلت عن دليلها قالت دليلها أن إباحة التعدد في سورة النساء مخصوص بحالات وهي حالات الأولياء الأوصياء على اليتيمات اللاتي ليس له رغبة أن ينكحها أو أنه سيظلمها فقال له الله لا تظلم هذه اليتيمة فتعال نعطيك فرصة أن تتزوج أربعة، تقول فقط في هذه الحالة أما غير هذه الحالة فلا يجوز له أن يعدِّد. وهذا ردٌ مضحك ونحن نقول لو كان مجال الاستدلال عندنا هو مجرد هذه الآية يمكن أن يقال هذا ولكن نحن عندنا دين وعندنا أصول وقواعد فهل نهدم تلك الأصول لأجل فهم خاطئ للآية؟! هل فهم الصحابة هذا الفهم؟ حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عدّد لم يكن عنده يتيمات. للأسف هذا نوع من التعبير عن ألوان الهوى، وصاحب الهوى يبحث عما يدعم به هواه بأي صورة. عندنا مئات وعشرات من القواعد والأصول التي نستند عليها لإباحة وحلّية التعدد فهل نأتي لهذا الفهم من هذه الكاتبة هداها الله لنردّ بها شرع الله عز وجل؟! لنفترض جدلاً لو وافقنا هذه الكاتبة في فهمها لهذه الآية فما هو حالها مع القرآن في غيره؟ بمعنى أنه إن كانت تلزم غيرها به فيجب أن تلزم نفسها بغيره من الأوامر وسنجد عندها من الخطأ والخلل والمخالفات لدين الله الشيء الكثير معناه أن دين الله لا يعنيها بشيء

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير