تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإنما أرادت فقط أن تستند إلى ما يستند إليه فقط. أحياناً بعض الشبهات يكون معها ما يشبه الدليل فيظن القارئ له أو غير العارف بأصول التفسير ورأي العلماء فيه يظن أن رأيها جميل وأن هذه الآيات نزلت في اليتيمات وفي أوليائهم ثم إن الله ترك لهم الفرصة فكلامها جميل وناسب أن يقول ذلك. وهناك فهم آخر لهذه الآية يقول أحد الكتاب أنه يجوز للرجل أن يتزوج بأكثر من أربعة بدليل هذه الآية (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ (3) النساء) لأنه جمع بين اثنتين وثلاثة وأربعة فصارت تسعة وقال الآية دلالة واضحة أن المسألة مفتوحة بدليل (ما طاب لكم) ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة وهو تزوج تسع فلماذا غاب عن العلماء هذا الفهم الدقيق الذي وفقني الله إلى الانتباه إليه ويرى أنه لم يُسبق إليه! وهذا المذهب ذهب إليه بعض الروافض وهو مخالف لإجماع المسلمين ومخالف للغة نفسها والزجّاج بيّن أن البعض فهموا هذا المعنى وأن هذا مخالف للغة فلا تعني مثنى وثلاث ورباع أن تجمعها على بعضها وإنما تأخذ هذا أو هذا أو هذا. مثل ما في سورة فاطر (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ (1) فاطر) فصاحب الثلاث ليس هو صاحب الرباع وصاحب الرباع ليس هو صاحب الثلاث ولذلك نقول لا بد من فهم لغة العرب والتفقه بلغة العرب والحرص عليها حتى نفهم القرآن بشكل صحيح وهذا القول ليس من باب الترف ولا من باب التقعّر وإنما لأنك إن لم نفعل ذلك سندخل في متاهات كبيرة ونفهم فهماً خاطئاً لا يريده الله ولا رسوله.

والإنسان أحياناً يحاول أن يقتنص وينسى أن هناك أشياء أخرى تكتنف الدليل وتسمى شبهة دليل وهي ليست بدليل وقال أحدهم الإسلام جاء بتحريم التعدد فقلت أين ذلك؟ قال (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ (3)) فقلت أكمل الآية (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) فقال وفي السورة نفسها قال تعالى (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ (129)) إذن النتيجة لن تستطيعوا أن تعدلوا إذن هي واحدة. فقلت يا أخي بارك الله فيك هل فهم أحد قبلك هذا الفهم من سلف الأمة الذين عرف عنهم أنهم يعددون؟ هذا فيه اتهام لجيل الصحابة أنهم ما فهموا هذا الدين! فسألته هل تعرف معنى العدل المذكور في الآية الأولى ومعنى العدل المذكور في الاية الثانية؟ قال: لا، قلت لا، قد ترد الكلمة في كتاب الله عز وجل في أكثر من موطن وكل موطن لها معنى، مثل كلمة الكتاب (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) البقرة) مقصود به القرآن، (وَوُضِعَ الْكِتَابُ (49) الكهف) مقصود به كتاب الأعمال وقد يقصد به التوراة والإنجيل. فقلت العدل المذكور في قول الله تعالى (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ (129) النساء) الله عز وجل يقرّ التعدد لأنه يقول (فلا تميلوا) يعني الشيء الذي لا تطيقونه في العدل هو الشيء الخارج عن إرادتكم وهو الميل القلبي، هناك مجال للعدل في الحياة الزوجية وهو القسم في الأشياء الظاهرة المبيت والنفقة وما إلى ذلك أما الأشياء التي لا تطيقونها فإن الله سبحانه وتعالى قد رفع عنكم وعفا عنكم فيها حتى ميل القلب بين الأولاد، قول اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم أمر بالعدل ومع ذلك أظن كل أب يعلم من نفسه أن هناك من أبنائه من هو أقرب من غيره ومع هذا لا يحاسب عليه الإنسان لأنه خارج عن التكليف وخارج عن الطوق والقدرة أما العدل المادي فمطلوب أن تنفق عليهم سواء. ولذلك يقول الشافعي: ناظرت أربعين عالماً فخصمتهم وناظرني جاهل واحد فخصمني.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير