تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

6 - في خواتيم سورة البقرة جاء الدعاء ولكنه دعاء يتصل بأصل التشريع أن لا يكلِّفنا الله بما لا نطيق وأن لا يؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وفي أول وآخر سورة آل عمران ورد الدعاء بالثبات على الإيمان وفي مغفرة الذنوب (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)) (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)) هناك مناسبة في الدعاء، في البقرة جاء الدعاء في آخرها وفي آل عمران جاء الدعاء في آخرها، في البقرة جاء الدعاء متصلاً في أصل الدين وأصل التكليف وفي آل عمران جاء الدعاء بالثبات على الدين وما يتصل بذلك.

7 - مقدمة السورتين فيهما تقارب أيضاً.

ارتباط السورتين البقرة وآل عمران فيما بينهما وارتباطهما مع الفاتحة فسورة الفاتحة كما ذكرنا سابقاً هي خلاصة القرآن الكريم كله جامعة وكأن ما جاء بعدها شرحٌ لها.

لذا يمكن أن نقول أن سورة آل عمران بُنيت على ركنين أساسيين

أولهما تقرير عقيدة الألوهية والتوحيد ومحاجة النصارى هو في هذا الأصل لأنهم يجادلون في ألوهية عيسى أو في بنوته ولكن الله سبحانه وتعالى يؤكد في هذه الآية التي تصل إلى 83 آية يذكرون أنها نزلت مرة واحدة كلها جدال مع النصارى في هذا الأصل وهو إثبات عقيدة الألوهية وأن الله سبحانه وتعالى هو وحده المستحق للعبادة وأن عيسى عليه السلام ما هو إلا نبي من الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى.

الركن الثاني هو التشريع وخاصة تشريع الجهاد وتفاصيله كما ذكر في غزوة أُحد وأطال في تفاصيلها وقد كان لها وضع خاص عندما تقهقر المسلمون وكان لهم فيها درس جديد غير درس غزوة بدر التي كان فيها انتصارات وغنائم، أُحد كان فيها انكسار وأصيب النبي عليه الصلاة والسلام وقُتل من الصحابة كثير واستشهد حمزة رضي الله عنه فكان درساً قاسياً جداً فجاءت سورة آل عمران تفصِّل في هذا الجانب. وآيات الجهاد في السورة فيها دروس كثيرة جداً وعِبَر كثيرة للجهاد في الإسلام وأحكامه وتشريعه. ونوصي بقراءة كلام إبن القيم في كتابه زاد المعاد إستفاض في ذكر الدروس المستنبطة من غزوة أُحد وأفرد لها فصلاً كاملاً.

في بداية بداية السورة نزلت 83 آية في قصة وفد نجران وقصة وفد نجران على الصحيح أنه متأخر في السنة التاسعة والطاهر ابن عاشور رحمه الله أشار أنه السنة الثانية خلافاً للمشهور والقصة واضحة جداً لأنه ذكر فيها الحسن والحسين في قضية المباهلة وهما ما كانا موجودان في السنة الثانية. لكن نُلمِح إلى قضية ترتيب القرآن نحن نقرأ القرآن الآن مرتباً ولكن قد لا نقف أحياناً في تأمل هذه الآيات، فمثلاً غزوة أحد جاءت بعد في ترتيب السورة مع أنها متقدمة في الزمن والمحاجة مع النصارى جاءت متقدمة في السورة مع أنها متأخرة في الزمان. وهي كانت يطلق عليها سورة آل عمران منذ بدأت تنزل آيات هذه السورة وهذه تدعو إلى التأمل وصحيح أن بعض المعاصرين له إبداع في مثل هذا فيمن ينظر في ترتيب السور وترتيب الآيات بحسب النزول وبعض علمائنا المتأخرين عنوا بهذا ويستفاد من بعض الأفكار التي يطرحونها تصور لنا ونحن نقرأ هذا الجو الذي تتكلم عنه السورة وكيف بدأ هذا الأمر وهو المحاجة مع النصارى وأُُخِّر ما هو مقدم في الزمان وهو الحديث عن غزوة أحد.

سبب نزول الآيات:

ما يذكره المفسرون أن الآيات 83 الأولى نزلت في وفد نجران في السنة التاسعة للهجرة والتي سميت عام الوفود -كما يسميها علماء السيرة- لكثرة ما ورد على النبي صلى الله عليه وسلم من وفود. ولكن هناك إشكاليات في قبول مثل هذا لأن جو السورة كما يقول سيد قطب رحمه الله يشير إلى أنها نزلت في أوائل العهد المدني وليس في السنة التاسعة وهناك مؤشرات على صحة هذا الاستنتاج ويكون السبب الذي ذكره المفسرون غير مسلَّم به فيدخل في هذه المحاججة وفد نصارى نجران وغيرهم ويكون من معانيها أن وفد نجران لما جاؤوا في السنة التي جاؤوا فيها كان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير