تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذكرنا قبل قليل أن سورة آل عمران مبنية على قضيتين قضية أهل الكتاب ومحاجتهم، تقرير العقيدة وتشريع الجهاد ولذلك لما ننظر إلى مناقشة آل الكتاب في اول السورة 83 آية وبقية آياتها في غزوة أحد وتأملت الربط بينهما بين قضية أهل الكتاب ومناقشتهم وتقرير العقيدة وأسلوب الجدل وبين قضية غزوة أحد، هاتان قضيتان هما البارزتان في هذه السورة والسورة تدور حول هذين الموضوعين، ما هو الرابط بينهما؟ الذي يظهر أن هذين هما نوعي الجهاد: الجهاد بالحجة والجهاد بالسيف، الجهاد بالحجة وهو أهم وأعظم وأدوم وأصون لأصل الدين وأحفظ لعُرى الإسلام وهذا جاء في مناقشة أهل الكتاب ومجادلتهم ومحاورتهم بحجج عظيمة بيّنة واضحة ظاهرة متينة تاريخية أصلية وهذا الجهاد الصحيح وأنه هو شأن المقاتل الشجاع في حوار أمثال هؤلاء وأن هؤلاء العلماء الربانيين الذين انتصروا للدفاع عن هذا الدين في الرد على الطوائف الضالة وفي الرد على أهل الكتاب وعلى كل من يحرّف ويزيغ ويُلَبِّس على الناس الدين ويتخذ من المتشابه حجة للطعن في هذا الدين، أن هؤلاء من أعظم المجاهدين في سبيل الله وهو من أعظم أنواع الجهاد وهو مقدّم وآياته أطول زأمكن ثم يأتي بعد ذلك الجهاد لحماية المسلمين وتمكين الدولة الإسلامية وإظهار سماحة هذا الدين وبسط عدل الإسلام على الأرض وأن هذا يأتي في غزوة أُحد. وأن هؤلاء مجاهدون في الذبّ عن أصل الدين والملّة وثوابت هذا الدين وأن هؤلاء مجاهدون في الذبّ عن المسلمين وعن الدولة الإسلامية.

ننتقل إلى السورة نفسها. هذه السورة جاءت في تقرير العقيدة، في بدايتها من قوله (الم (1) اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)) في هذا المقطع من الآية رقم 1 إلى الآية رقم 6 حديث عن هذا الموضوع وبداية قوية جداً في تقرير توحيد الألوهية وإثبات أن الله لا إله إلا هو الحي القيوم وأيضاً فيه إثبات أن مبدأ التوحيد مبدأ تواطأت عليه جميع الرسالات السماوية فقال تعالى (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ (4)) فدلّ على أن هذا الأصل وهو تقرير توحيد الألوهية مبدأ تواطأت عليه جميع الكتب السماوية التوراة والانجيل والقرآن. ثم وصف القرآن الكريم بوصف الفرقان في هذه الآيات ولم يقل وأنزل القرآن وإنما قال (وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ) وهذه الصفة من الصفات تحتاج لوقفة فالكتب السماوية هي كلها فرقان بين الحق والباطل ولذلك قال الله سبحانه وتعالى (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) البقرة) المقصود به هنا التوراة لأنها تفرق بين الحق والباطل. ينبغي على المحتج بالقرآن وهو يفسر للناس معانيه أن يرسخ في أذهان الناس هذه الحقيقة حقيقة أن هذا القرآن لما تستند إليه وتعتمد عليه أنك في واقع الأمر تضع فرقان أنت تفرق للناس بين الحق وبين الباطل وأنه ينبغي إن كان دليلك واضحاً من القرآن والسنة أن يكون قلبك في غاية الاطمئنان وأن هذا مبدأ جاء من أجله هذا القرآن وهو التفريق حتى التفريق العلمي (وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ) وهذا أحد معاني قوله (وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) الفرقان). ونلاحظ ونحن نحتج بالقرآن تذكر آية من القرآن فما يستطيع إنسان حتى الذي يخالفك تجد أن هناك نوع من الرهبة لا يستطيع أن يتوقف. وحتى من الناحية العلمية عندما يستدل البعض بآيات قرآنية في بعض المسائل العلمية تجد أن النزاع في حين أن المفترض أن يتوقف عن النزاع عندما تكون الآية واضحة في الدلالة على الموضوع من الناحية العلمية وهذا مقصود الفرقان أنه يفرق بين الصواب والخطأ وبين الحق والباطل وأنه ينبغي عليك ما دمت مؤمناً بهذا القرآن أن يكون هذا الفرقان حاضر في ذهنك عندما تكون الدلالة واضحة من القرآن لا يحتاج إلى أن تورد فيه أدلة واستشكالات ما دام القرآن قد فرق في هذا الموضوع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير