تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: نعم، مثال ذلك هذه السورة الآن: سورة المائدة (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) هي سورة العقود حقيقة، مثال آخر في سورة آل عمران: (آلم. الله لا إله إلا هو الحيّ القيّوم * نزَّل عليك الكتاب). العادة أنّ الحروف المقطعة يأتي بعدها ذكر الكتاب مباشرة، في هذه السّورة فُصل بذكر التوحيد، ممّا يدل على أنّ التوحيد مقصودٌ في هذه السّورة، وهو أعظم مقاصد هذه السورة، فنقول للنِّاس انتبهوا لهذا وركِّزُّوا عليه.

وأمّا ما ذكره الدكتور مساعد قبل قليل من قضية ردِّ العجز على الصَّدر، وأنّه من الأساليب البلاغية المعروفة المشهورة عند العرب، فهو لا تكاد سورة تخلو منه فخاتمة كل سورة تجدها مؤيدة لمقدمتها، بل خاتمة سُور القرآن هي في الحقيقةِ لون من ألوان ردِّ العجز على الصَّدر من جهة أنّها أكّدت ما ذُكرَ في السّور الأولى من القرآن. فمثلاً: انظر إلى سورة الفاتحة وسورة النّاس، سورة الفاتحة ذُكرت فيها ثلاثة أسماء لله عزّ وجل: الله، والرّب، والملك. كذلك في سورة النّاس: (قل أعوذ برب النّاس. ملك النّاس. إله النّاس). نفس البداية، سورة الفلق: ذكر فيها الحسد والسّحر وما يتصّل بها، وهي مذكورة في سورة البقرة، سورة الصّمد هي في التوحيد، وسورة آل عمران هي في التوحيد. وهكذا رُدّت السور السبع الطوال الموجودة في أول القرآن، رُدَّ العجز عليها، في آخر سور القرآن السَّبع القصيرة التي خُتِم بها كتاب الله عزّ وجل.

د. الشّهري: أنا أظن أنّ فيه تأليف لأحد العلماء، نسيت حقيقة، أنا أحاول أتذكر اسمه، لكن عنوانه: "الدُّرر اللوامح في أسرار الفواتح". تحدّث فيها عن أسرار فواتح السّور، لا أدري هل هو من كتب السيوطي المفقودة، أو من كتب غيره، لكن أتوقع أنَّ مثل هذا المعنى الذي أشار إليه الدكتور مساعد وأشرتم إليه دكتور محمد، معنىً لم يكن غائباً عن العلماء السّابقين، وكانوا فعلاً يلتمسون في مطالع السُّور وفي أوائلها دِلالات من هذا النوُّع، وهي الحقيقة باب من أبواب الاجتهاد والاستنباط والتَّدبر وإعمال الذِّهن في آيات القرآن الكريم وفهمها.

د. الخضيري: طيب، من تمام براعة الاستهلال في هذه الآية حقيقة، كيف أنّه يُذّكر- مثل ما ذكرتم دكتور عبدالرحمن قبل قليل- خَلقِنا من نفسٍ واحدة، لبيان أنَّ لبعضنا على بعضٍ حقّاً، إذا كُنَّا نحن الآن خرجنا من أبٍّ واحد، إذاً بعضنا له على بعض حق، كحق القرابة، والأصل الواحد، ولذلك نحن يجب علينا أن نُراعي هذا في حق الضعيف، والمرأة، والمسكين وغيرهم.

قال تعالى: " وخلق منها زوجها" أيضاً هذه المرأة التي يُراد أن يُتحنَّنّ عليها، وتُرحم ويُرفق بها، تراها خُلقت منك، يعني هي بعضٌ منك. فأنت إن ظلمت ظلمت بعضك، وإن قطعت قطعت بعضك.

د. الشهري: ولعله قال: ولا تقتلوا أنفسكم. لهذا المعنى

د. الخضيري: سبحان الله. قال: "وخلق منها زوجها ثم قال" وبث منهما". أذكر أنّ لك لفتة في هذا الموضوع.

د. الشّهري: طبعا في هذه الآية: قال: " وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامَ. تذكرون هذه الآية فيها خلاف نحوي مشهور، وهو أنَّ حمزة وهو أحد القرّاء السبعة قرأ: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامِ إنّ الله كان عليكم رقيباً.

د. الخضيري: عطف الاسم الظّاهر على الضمير.

د. الشّهري: نعم، فالنَّحويون عندما قرأ والأرحامِ بالكسر، قالوا أخطأت، أخطأت يا حمزة بقراءتك هذا الحرف بالكسر، ووجه الخطأ عندهم أنّه عطف الاسم الظّاهر على الاسم المضمر، يعني عطف الأرحام وهو إسم ظاهر، على الضّمير في قوله (به). واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامِ.

د. الخضيري: وبالأرحامِ.

د. الشِّهري: نعم. قراءة الجمهور: واتّقوا الله الذي تساءلون به والأرحامَ. فالمفسرون يقولون: والأرحامَ أن تقطعوها يعني: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير