د. الخضيري: إذا أذنت لي.
د. الشهري: نعم، تفضَّل، يا دكتور محمد.
د. الخضيري: من لطائف هذه الآية التي أشار إليها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وقد خرج تفسيره لسورة النّساء في مجلّدين، وأنا أوصي الحقيقة طُلاَّب العلم بقراءته، لأنَّ الشيخ إذا فسَّر علَّم، يعني يُعلّمك كيف تصل إلى المعلومة ويشرح لك كل ما يستغلق عليك، يعني ما يدع شيئاً إلا ويُبينه إن كان إعراباً، إن كان قراءة، إن كان كذا، فقد تقرأ في كُتب التفسير لا تفهم معلومة ولا تستطيع أن تصل إلى فهمها إلى عبر معلّم.
قال: " وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساء" لمّا ذكر رجال، ذكر كثيراً قال: لأنّ كثرة الرِّجال النِّعمة فيها أتمّ، والعِزُّ فيها أكثر، فكلما كانت الأمّة فيها رجالٌ أكثر، كان ذلك أتم في النِّعمة وأعزّ أيضاً للأمّة، ولذلك جعل الله عزّ وجل الكثرة فيهم لإظهار هذه القِيمة وهي عزّة الأمّة.
د. الشّهري: جميل، مع أنّ الواقع أنّ العكس هو الصَّحيح، أنَّ النّساء أكثر من الرِّجال.
د. الخضيري: طبعاً، واقع الأمر، لكن كلما كثر الرِّجال دلّ ذلك على عزّة الأمّة. الآن في مجتمعنا نحن في الإحصائيات الأخيرة، آخر إحصائية قبل سنوات تبيّن أنّ الرِّجال عندنا 51%، والنساء 49%.
د. الشهري: فيه معنى الحقيقة أريد أن أتحدث عنه، نحن نتحدث عن حقوق النّساء، وأنا أريد أن أتحدث عن حقوق الرِّجال. في قوله سبحانه وتعالى في سورة النّساء: "الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها". فأنت تجد هنا هناك فضل لآدم عليه الصلاة والسلام على حواء بأنّه هو الأصل. في سورة البقرة في قوله تعالى: أُحِلَّ لكم ليلةَ الصِّيام الرّفث إلى نسائكم هُنَّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ.
هنا لماذا قدّم الله تعالى وصف المرأة بأنّها لباس للرّجل، على وصف الرَّجل بأنّه لباس للمرأة. لا أدري هل مرّ عليكم مثل هذا؟
المشايخ: أبداً.
د. الشّهري: أنا يظهر لي معنىً، وهو أنّ المرأة في قُدرتها على احتواء الرَّجل، وعلى سَتره، وعلى عفّته، بتحبّبها إليه، وتقديرها له، واحترامها له، والقيام بحقّه. وتقدير أنّ الرّجل هو أصل للمرأة، أنّ هذا هو أحفظ للأسرة، وأحفظ لقلب الرّجل، من قدرة الرّجل على أن يكون لباساً للمرأة. ولذلك قُدَّمت وصف المرأة بأنّها لباس للرّجل قبل أن يُذكر وصف الرَّجل بأنّه لباس للمرأة. لأنَّ المرأة أقدر في رأيي على أن تَعُفَّ الرّجل وأن تحتويه، بما آتى الله سبحانه وتعالى المرأة من صفات ومن ما فُطرت عليه من أخلاق.
د. الخضيري: ولأنهّا أيضاً هي قيّمة البيت حقيقةً، يعني هي ملكة البيت، يعني إذا جاء الرَّجل إليها فكأنّه يأوي إلى شيء، يسكُن إليها.
د. الشَّهري: لتسكنوا إليها.
د. الخضيري: التعبير القرآني عظيم. هذا السَّكن بما أنَّ البيت يستر الإنسان. أيضاً المرأة كأنّها لباسٌ له تحتويه لتستره.
د. الشِّهري: وأنا أتصوَّر أنّ هذا من حقوق الرّجل على المرأة، لأنّ بعض النّساء حقيقةً ليست سكناً.
د. الخضيري: أنا فصّلت هذا يا أبا عبد الله، ولعلّ أبو عبد الملك يعني يقيّم ما ذكرته في أمرين. قلت: الرّجل عليه الأمان الخارجي، والمرأة عليها الأمان الدّاخلي، فالرَّجل يحقق الأمان الخارجي، عندما يشتري مثلاً بيتاً أو يُؤجِّر بيتاً ويضع فيه الطّعام والشّراب وغير ذلك، يبقى هنا الآن، لتكتمل السَّعادة ولترفرف على هذا البيت، المرأة تقوم بدورها في أن تجعل هذا البيت بالفعل يحوي هذه الأسرة، ويكون سكناً لهذه الأسرة، البيت موجود، والأثاث موجود، والطّعام موجود. بقي الآن دور المرأة في كونها تُضفي عليه، فإذا قامت المرأة بهذا الدّور صار البيت سكناً، ولابد أن يكون هذا البيت سعيداً. أمّا إذا انعكس الأمر، الرّجل أمّن البيت وجاب الطّعام والأثاث، والمرأة صار لسانها أطول منها، ولا ترضى بشيء ولا تقنع، ودائماً تخرج من بيتها، خرّاجة ولاّجة، وصارت كلما جاء الزّوج وإذا بها منصرفة لعملها، أو لاتصالاتها مع صويحباتها، أوخارجة لجيرانها ما صارت سكناً، ضاق صدر الرّجل فظهر ذلك على تصرّفاته،فبدأت السَّعادة تخرُج من البيت.
د. الشهري: ما أدري هل ترون فعلاً قضية تقديم وصف المرأة بأنّها لباس للرّجل" هنّ لباس لكم" أليس هذا المعنى دقيق فيها؟
¥