تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الشِّهري: (ولا تنسوا الفضل بينكم) سبحان الله ما أجمل التَّعبير!،كأنَّه في غمرة الأخذ أعطني حقِّي وخُذ حقّك.

د. الخضيري: لا انتبه، هي رضِيَت بكَ زوجاً، وأنتَ رَضيتَ بها زوجةً، هذا تفاضل بينكم لا تَنسَوا هذا الأمر.

قال تعالى (ولا جُناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إنّ الله كان عليماً حكيماً) الحقيقة تردُّد عليم، وحكيم في سورة النِّساء كثير، نعم تفضّل أبا عبد الملك.

د. الطيّار: لأنّه فيها آيات تشريع كبيرة جِدّاً كُلّها صادرة عن هَذَين الاسمين العَظيمين العلم والحكمة، ولهذا أنا أقول للنَّاس من قرأ سورة النِّساء وَوضَع في ذهنه وهُو ينظر إلى الأحكام قضيّة العِلم والحِكمة، وحاول أن يجتهد في تَدَّبرِه لمعرفة مواطن العلم ومواطن الحكمة الإلهية في هذه الأحكام، فإنّه سيظهر له جليِّاً كون الله سبحانه وتعالى كرَّر هذين الاسمين مرّة بعد مرّة في هذه الأحكام، لأنّه بعضها قد يخفى على الإنسان الظّاهر له فيقول: لماذا يقول الحكم هكذا؟ لكن لو تأمّل الحكم الإلهي ونَظر في أدبار هذا الحكم الإلهي، أواخره يجد بالفعل أنّه مبنيّ على العلم والحِكمة.

د. الخضيري: الجيّد في الأمر يا دكتور مساعد، أنّ كلمة حكيم التي هي اسم من أسماء الله العظيم جلّ جلاله، تدل على أمرين: حَكيم بمعنى حاكم يحكم بالشَّيء فيجب تنفيذُه ويجب امتثاله فهي فَعيل بمعنى فاعل. وحَكيم بمعنى مُحكِم للشَّيء يُحكِمه ويتقنه بحيث لا يبدو فيه خلل من جانب من جوانبه. وكلمة حكيم جامعة لهذين الاثنين، فهو حَاكِم يجب التزام حُكمه، ومُحكِم يعني أنّ حُكمه سديد ليس فيه خَلل بوجه من الوُجوه.

بعد هذه الآية التي ذكر الله عزّ وجل فيها تمام المحرّمات من النِّساء بيّن وجهاً آخر فِيما يحرُم على الرَّجل أن يفعله من النِّكاح وهو نِكاح الأَمَة، فالأَمَة يَجُوز للإنسان أن يطأَها إذا كانت مِلك يمين، أمَّا أن يتزَّوج بها فتكون زوجةً له، وليست مملوكة أو مطيعةً بملك اليمين، فهذا يَحرُم على الإنسان إلا بشرط.

د. الشِّهري: العجز عن نكاح الحُرّة، يعني (ومن لم يستطع منكم طولاً) يعني ومن لم يملك القُدرة المالية على دفع مهر الحُرّة، فالطَّول يعني القُدرة المالية القدرة على دفع مهر الحُرّة. (أن ينكح المحصنات المؤمنات) أن ينكح الحُرَّة المؤمنة (فمِّما ملكت أيمانكم) أي فلينكح امرأةً من مِلك اليمين (من فتياتكم المؤمنات) يعني من المملوكات من الإماء (والله أعلم بإيمانكم) مسألة الإيمان مسألة ترجع لله سبحاه وتعالى، لا أحد يستطيع أنه يجزم بأنّ هذا مؤمن أو هذا غير مؤمن، ولكنّه يستطيع أن يستدل بعلامات ظاهرة تُعتبر قرائِن على صلاح هذه الفتاة أو تلك، فالرَّجل مأمور إذا أراد أن يتزّوج من أمة من الإماء أن يتحرَّى الصَّالحة منهُنَّ، المعروفة بالإيمان والمعروفة بالصَّلاح ويسأل عنها ويتحرَّى كما يتحرّى في شأن المرأة الحُرّة أيضاً.

د. الخضيري: وهذا يُؤكِّد قضية ارتباط الظَّاهر بالباطن، وأنَّ الإنسان يَستَدل على ما يظهر من الإنسان على ما يُبطِنُهُ، والغريب أنّ هذا القيد مذكور في آيةٍ أخرى وهي قوله جلّ وعلا (يا أيُّها الذي آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجراتٍ فامتحنُوهُنَّ الله أعلم بإيمانِّهنَّ) طبعاً ما أحد يدري أهي مؤمنة أو غير مؤمنة لأنّه شيء خّفيّ، لكن امتحِنوهُنّ تُعرف بسؤال أو سُؤالين أنَّها بالفعل هي مؤمنة أو ليست مؤمنة.

د. الشِّهري: (فإن عَلِمتمُوهُنَّ مؤمنات) مع أنَّ العلم على وجه اليقين ليس متمكِّنا، لكن ما غلب على الظنّ علماً.

د. الطيَّار: في قوله (من فتياتكم المؤمنات) هل هذا قيد كاشف أو معتبر، مع أنّ كانت الأمّة غير مسلمة بل كتابية؟

د. الخضيري: إذا أبيحت الحرة الكتابية فالله أعلم فالأمة ليست كتابية أنها أيضًا مباحة، ولكن هذا يحتاج إلى بحث فيه. لكن السؤال يا إخواني: لماذا حرّم الله عزّ وجل نكاح الإماء إلا بشرط عدم القدرة على مهر الحُرّة؟ لأنّ هذا يُفضي إلى رِقّ الولد، الولد يتبع في الرِّق والده، فإذا تزوّج رجل أمة وهذه الأمة أنجبت فإنّ هؤلاء الأبناء الذَّين خَرجوا من هذه الأمة يكونون عبيداً لسيِّد تلك الأمة، فيُفضي ذلك إلى رِقّ الأبناء، ولذلك حرّمه الله عزّ وجل لمآله السَّيء على الأبناء، فاشترط الله سبحانه وتعالى أنّ الإنسان لا يفعل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير