تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. عبد الرحمن: وهي كثيرة في القرآن.

د. مساعد: هناك ملحظ بلاغي آخر إن تكرمتم وهو تقديم للكافرين على عذابًا مهينًا، الترتيب: وأعتدنا عذابًا مهينًا للكافرين وهذا كما سبق أن ذكرنا أن الفائدة الكبرة فيه رعاية الفاصلة ورعاية الفاصلة مقصد من المقاصد البليغة هذه أولًأ ثم يأتي النظر إلى أنه لما قدّم للكافرين (أعتدنا للكافرين) يجعل هذه علة خاصة بهذا السياق، لماذا قدّم الكافرين قبل ذكر عذابهم؟

د. عبد الرحمن: تبشيعًا لهذه الصفة وأنهم هم أولى الناس بهذا العذاب

د. مساعد: فيمكن أن يكون له أكثر من فائدة بلاغية في تقديم الجار والمجرور

د. عبد الرحمن: بمناسبة ذكر التقديم والتأخير يا دكتور مساعد، الحقيقة هذا التدبر في دلالات التقديم والتأخير ضرب من ضروب العلم وضرب من ضروب تدبر القرآن الكريم وفهمه رائع جدًا أنا أنصح الإخوة عندما يقرأون القرآن الكريم أن يتأملوا في مثل هذه المواطن وهي كثيرة في القرآن الكريم.

د. محمد: مرّ بنا في الآيات في أول السورة (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ (12)) مع أن الدَيْن مقدّم عندنا على الوصية لكن قُدِّمت الوصية في القرآن لأجل العناية بها وأنه لا يوجد من يقوم بها في الغالب وصاحب الدين يحفظ دَيْنه.

د. عبد الرحمن: وجدت أن العلماء المتقدمين والمتأخرين يتفاوتون تفاوتًا كبيرًا في إدراك دلالات أسرار القرآن الكريم وأن الله سبحانه وتعالى يفتح على بعضهم ما لا يفتح على آخر في مثل هذا الموضع, لماذا قدم " وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا", وفي موضع آخر: " وأعتدنا لهم عذابًا مهينًا", فيضمر, يعني يذكر الضمير. وأيضًا في الآية التي ستأتي معنا (وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ (38)) , لماذا قدّم الإيمان بالله على الإيمان باليوم الآخر؟ , ولماذا قدم هذه العلة "الذين ينفقون أموالهم" , قدمها ثم جاء بعدها " ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر", مع أن الإيمان بالله حقه التقديم لأنه أعظم وهكذا, فالبحث عن دلالات التقديم والتأخير في القرآن الكريم من أهم ما ينبغي على طالب العلم أن يعتني به, وأنا أنصح الإخوة الذين لهم حظ من العلم والبلاغة, أن يقربوا هذا للناس, لأن العبرة الآن فإننا مللنا من الفلسفة, أحيانًا عندما تعرض للناس مسألة علمية بصعوبة وتستخدم فيها المصطلحات العلمية التي لا يدركها إلا المتخصصون هذه سهلة, ولكن الصعوبة والتميز الآن هو أنك تقرّب هذه المعاني للناس لعامة الناس حتى يفهمونها.

د. مساعد: والأعجب أبا أعبد الله في قضية التقديم والتأخير حينما تنظر لهذه الآية والتي تليها (وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ (38)) , بعدها قال (وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ (39))

د. عبد الرحمن: جاءت عكس الأولى.

د. مساعد: لاحظ مثال آخر حين يأتي التقديم والتأخير في آيات متوالية, لما قال (طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى (3) تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6)) , السماوات والأرض, وهناك قال ماذا؟ قدم الأرض على السماوات, فالنظر هنا يجعل المتدبر ينظر لماذا قدم الأرض على السماء هناك؟ , وقدم السماء على الأرض هنا؟ في آيات متوالية, واضح هذا؟

د عبد الرحمن: واضح.

د مساعد: فأنا عندي أنه أيضًا قد ندرك أحيانًا أسرار للتقديم والتأخير وقد ذكر العلماء عشرة أسرار للتقديم والتأخير لكن أن تدرك في سياق كل واحدة سر التقديم والتأخير بين لفظتين فهذا لا شك أنه يحتاج إلى تأمل. وأنا أذكر أن هذه الآية في برنامج بينات, وهو أول برنامج قدمناه, فذكرنا سر تقديم الأرض على السماء والسماء على الأرض, لعلنا نحيل إليها.

د. عبد الرحمن: حلقات البرنامج موجودة بالمناسبة في ملتقى أهل التفسير كاملة, 1428هـ, 1429هـ, 1430هـ, والآن هذه السنة الرابعة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير