د. محمد: أشير أيضًا إلى آية الحقيقة ورد فيها هذا ولها نظائر, ولكنها مرت بي قريبًا, وهي (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) الجمعة) , أولًا قدّم التجارة, ثم قدم اللهو.
د. مساعد: نفس الفكرة, إذا هل يمكن أن نقول للمشاهدين أن هذا موطن بحث أن يجتهد أحدهم في جمع صورة هذا التقديم والتأخير المتوالي الذي يقدم لفظة على لفظة, ثم يأتي بعدها في نفس السياق تقديم اللفظة المتأخرة على اللفظة المتقدمة، عندنا الآن ثلاث مواطن ذكرناها.
د عبد الرحمن: هذا الحقيقة بحثه ممن رأيته تحدث عنه باحث -المشكلة أني نسيت اسمه- لكن له كتاب قيّم, رسالة دكتوراه: "دلالات التقديم والتأخير في القرآن الكريم"
د مساعد: ثلاث مجلدات؟
د عبد الرحمن: لا, هو مجلد واحد, وهناك أيضًا كتاب: "بلاغة التقديم والتأخير", في ثلاث مجلدات.
د مساعد: وهناك رسالة صغيرة: "أسرار التقديم والتأخير".
د عبد الرحمن: وهذا الكتاب موجود على ملتقى التفسير, دلالات التقديم والتأخير في القرآن الكريم قدّم له الدكتور عبد العظيم المطري رحمه الله, توقف الحقيقة لأن موضوع التقديم والتأخير من الموضوعات التي اعتنى بها العلماء قديما حتى سبيويه في كتابه "الكتاب" أشار إليه ولكن إشارات دقيقة وعامة.
د. محمد: تقليد.
د. عبد الرحمن: نعم, فلما جاء عبد القاهر الجرجاني رحمه الله في كتابه: دلائل الإعجاز, فصل تفصيلًا رائعًا في دلالات التقديم وأسراره في اللغة العربية, وفي البلاغة العربية, وجاء الزمخشري في كتابه الكشاف وأبدع أيما إبداع في استخراج دلالات التقديم في القرآن الكريم.
د. مساعد: ومثله صاحب كتاب نتائج الفكر السهيلي, وهذا أنا أرى أنه رجل لم يُبرز ما عنده من العلم, وأخونا الدكتور محمد بن فوزان العمر بحث مسألة التفسير وعلوم القرآن عند السهيلي, والحقيقة نصحته بطباعته لأن كثيرًا من طلاب العلم لا يعلمون ما عند هذا الرجل من البلاغة, ومثله أيضًا وعندي أنه من أنفس من يشير إلى هذا الطيبي, صاحب الحاشية على الكشاف.
د. عبد الرحمن: لكنه غير مطبوع.
د. مساعد: لكنه الآن موجود على النت الآن في رسائل جامعية قرابة ثمانية رسائل ممكن تُقرأ, واستخراج هذه المواطن الحقيقة مهمة جدًا لأنها نوع من إدراك أسرار الإعجاز, وأن الله حين تكلم بهذا الوحي يضع الكلمة في مكانها المناسب, لأنه أعلم بالكلام, وهو سبحانه وتعالى الذي علم الإنسان ما لم يعلم.
د. محمد: وهذا كتاب حكيم, أحكمت آياته ثم فصلت.
د. عبد الرحمن: بمناسبة ذكرك للسهيلي رحمه الله صاحب نتائج الفكر في النحو, ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد نقل نقولات كثيرة عن السهيلي, وهي من أبرز وأجمل ما ذكره ابن القيم, مع أنه لا يشير إلى المصدر
د. مساعد: أحيانًا يشير.
د. عبد الرحمن: لكن الغالب أنه لا يشير ولذلك أذكر أن الذي حققه الشيخ محمد البنا محمد إبراهيم البنا هو الذي حقق كتاب نتائج الفكر فحمل حملة شديدة على ابن القيم
د. محمد: مع العلم أن منهج كثير من المتقدمين أنهم لا يشيرون إلا نادرًا.
د. عبد الرحمن: صحيح, لكن الشاهد أن البنا ذكر أن معظم ما في كتاب بدائع الفوائد من الاستنباطات والفوائد مأخوذ من كتاب نتائج الفكر, وغيرها من كتب السهيلي رحمه الله.
د. محمد: نعود إلى أصل الفكرة التي أنتم طرحتموها وهي قضية التقديم والتأخير وتطبيقها على الآية التي معنا، هنا يقول (وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ (38)) , كأنه أشار إلى سبب حصول هذه الخصلة منهم, وهي أنهم إذا أنفقوا أنفقوا رئاء كأن ذلك لأنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر, فالذي لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر يُتوقع منه إذا أنفق أنه يريد المفاخرة والمكاثرة والجاه والمنزلة مع أنه يبذل المال ويخرجه, والمال عزيز على النفس يعني ما يخرج إلا بقوة وجهد, ولكنه يريد به الجزاء العاجل وهو مراءاة الناس, فأشار إلى هذا بهذه الطريقة, لكن لما جاء إلى بيان الحقيقة كيف تبدأ مع الإنسان قال (وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ
¥