تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ (39)).

د. عبد الرحمن: أي أن هذا هو الترتيب الطبيعي.

د. مساعد: أن الإيمان أثره أن ينفقوا مما رزقهم الله. أبو عبد الله لو قلنا بما قاله سيبويه أن العرب تقدم ما لهم به عناية, وهذه عبارة قريبة من عبارته, الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس هم الآن عنايتهم بالناس ومراءاتهم, ويغيب عنهم الإنفاق لوجه الله, أيضًا هذا قد يكون فائدة أخرى.

د. محمد: والفوائد البلاغية يقولون لا تتزاحم, يمكن اجتماعها على معنى واحد. نعود يا إخواني إلى شيء مهم جدًا في الآية لم نفصله ولم نبين معناه وإن كان كثير من الإخوة المشاهدين يفهمونه, لما قال "يبخلون", ما معنى البخل؟

د. عبد الرحمن: هو قبض اليد وإمساكها عن الإنفاق.

د. محمد: في الأمر الذي يجب على الإنسان, لأنه ما يستحب إن بذل الإنسان فهو محمود, وإن لم يبذل لم يُذَّم, فالمقصود إمساك عن أمر واجب, سواء كان إمساك المال أو إمساك العلم أو إمساك الجاه والمنزلة.

د. عبد الرحمن: كلها تسمى بخلًا.

د. محمد: كلها تسمى بخلًا, والنبي صلى الله عليه وسلم ورد عنه أنه قال: "وأي داء أدوأ من البخل", وكان يستعيذ بالله من البخل, وكثير من الأحاديث التي تتبعتها في استعاذاته عليه الصلاة والسلام أجد أن الكبر والجبن والبخل والهمّ والحزَن هذه الخمسة والكفر والفقر وعذاب القبر أو هذه السبعة من أكثر الأشياء التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يركز عليها في تعوذه بالله عز وجل, لأنه إذا أصيب الإنسان بشيء منها حصل بسببها شر كثير على الإنسان, فنحن نقول الذين يبخلون, هناك أناس آخرون أشد منهم وهم من يبخل ويضيف إلى ذلك أن يريد أن يشاركه الناس في هذا البخل, فهو يمنعهم.

د. عبد الرحمن: حشف وسوء كيلة.

د. محمد: أعوذ بالله.

د. عبد الرحمن: لا هو يعطي ولا يترك الناس يعطون.

د. محمد: نعم, فإذا جاء الناس يعطون أو يتصدقون هددهم ونصب نفسه واعظًا لئلا يتصدقوا, وسبحان الله طبيعة من يقع في فاحشة أو منكر يحب أن يكون الناس مثله لئلا يكونوا أفضل منه. لذلك يقولون أن الفتاة التي تقع في الزنا نسأل الله العافية, أحب شيء إليها هو أن يشاركها بنات الحي في الزنا حتى لا تنفرد بهذه الخصلة الذميمة.

د. عبد الرحمن: لذلك قال (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا (19) النور) , لاحظ البخل الله سبحانه وتعالى نهى عنه, وذمه في القرآن الكريم ذمًا شديدًا, والنبي صلى الله عليه وسلم استعاذ منه, وكان يحب مكارم الأخلاق عليه الصلاة والسلام, ويرى أن الإكرام من علامات الإيمان, فقال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ", فهو خلق من الأخلاق, وكان عليه الصلاة والسلام يثني على الكرماء حتى في الجاهلية فكان يذكر عبد الله بن جدعان, ولما وقعت سفّانة رضي الله عنها بنت حاتم الطائي في الأسر فقالت: "يا رسول الله أنا ابنة حاتم الطائي", فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أطلقوها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق", ويكرم الضيف, والنبي صلى الله عليه وسلم عندما نزل عليه الوحي, لاحظوا يا إخواني سبحان الله العظيم مثل هذه المعاني العظيمة والأخلاقيات أخلاق الكرم والشجاعة والحلم هي من الأخلاق التي اجتمعت عليها الفطر في الجاهلية وفي الإسلام, بل وحتى في الديانات الأخرى, فالنبي صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي فخاف عليه الصلاة والسلام خوفًا شديدًا, فجاء إلى خديجة رضي الله عنها وهو يرجف فؤاده, صح؟

د. محمد: لا شك.

د. عبد الرحمن: فلما قصّ عليها القصة, قالت له: "والله لا يخزيك الله أبدًا ".

د. محمد: لماذا لا يخزيه الله أبدًا؟

د. عبد الرحمن: لماذا؟ استنبطت ذلك: " والله لا يخزيك الله أبدًا, إنك لتقري الضيف, وتحمل الكلّ, وتغيث الملهوف, وتعين على نوائب الدهر",.

د. محمد: ومن كانت هذه حاله فلن يخزيه الله أبدًا.

د. عبد الرحمن: كلها أخلاقيات, إكرام الضيف وإغاثة الملهوف, وغيره. الشاهد أن في قوله: " الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل", هنا إشارة إلى ذم هذا الخلق, سواء كان بخلًا يا دكتور مساعد بالمال وهو أول ما يتبادر إلى الذهن عندما يقال هذا إنسان بخيل, أو بخلًا بالجاه, أو بخلًا بالعلم, أو بخلًا بكل ما يمكن للإنسان تقديمه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير