تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: في هذه الآية (وأنفقوا ممَّا رَزَقَهُم الله) فائدة عظيمة جِدّاً وهي أنّ الإنسان يسعى في طلب الرِّزق، لكن يعلم أنّ الرزَّاق هُو الله، وأنَّه لا رزق إلا إِذا أَذِنَ الله، وعليه وأنت تسعى إعلم أنَّ هذه الوسائل والأسباب التِّي تفعلها ما هي إلاَّ أسباب إذا لم يأذَن المُسَبِّب بإبلاغك أو إِيصالك إلى المقصود لن يحصُل شيء. ولذلك اسعى في طلب الرِّزق وابحث عنه، واجتهد لكن إجعل قلبك بين يَدِيّ الله – عزَّ وجل – واعلم أنّه لا رزق إلا من عنده، انظُر قال (وأنفَقُوا ممّا رَزَقَهُمُ الله) ولم يَقُل (كَسَبُوا) أو (اجتهدوا) أو (حَصَّلُوا) بل قال (رزقهم الله).

د. الطيّار: قوله (وكان الله بهِم عليماً) جاء بالضّمير هُنا، مع انّه سَبَق قال (وأعتدنا للكافرين) هو يتكّلم الآن عن هذه الأصناف الذِّين يبخَلُون، والذِّين يُنفقون أموالهم رئاءَ النّاس قال عنهم (وكانَ الله بهم عليماً) اسم الله العليم المُتَضَّمِن لصفة العلم، طبعاً مقامه الآن هنا هُو مقام المراقبة والتّهديد، لأنَّ السِّياق مَعَ أُناس يَبخَلُون، ويأمُرون النّاس بالبُخُل، ويكتُمُون ما آتاهم الله من فضله، وأُنَاس (يُنفِقُون أموالهم رئاء النّاس ولا يُؤمنون بالله و لا باليوم الآخر وكان الله بهم عليماً). أيّ وكان الله عليماً بهم.

د. الخِضِيري: طبعاً رِعَاية الفَاصلة من جِهة، وأيضاً المعنى البلاغي يُقَدَّم هؤلاء للدَّلالة على أنّهم هُمُ المقصُودون دونَ أحَدٍ سِوَاهُم.

د. الطيَّار: أيضاً تُلاحِظُون، وهذه فائدة ذكرناها سابقاً من باب التّأكيد عليها، تكرار الاسم الجليل (الله)، لو نظرنا في الآيات السَّابقة قوله (آتاهُم الله من فضله) (لا يؤمنون بالله) (وماذا عليهم لو آمنوا بالله) (مما رَزَقهم الله) (وكان الله بهم عليماً) ويتكّرر هذا الاسم الجليل في الآيات القادمة.

د. الشِّهري: الآيات التي نتحَدَّث عنها يا إخواني الآن آيات الحقيقة عظيمة، والنّبي صلى الله عليه وسلّم قد طلب من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن يقرأ عليه سورة النِّساء، فكان رضوان الله عليه يقرأ هذه الآيات حتى وصل إلى الآيات التّي نتحَدّث عنها الآن. الآيات التي بعدها (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ) أيّ يا محمّد عليه الصّلاة والسلام (عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)) عبد الله بن مسعود يقول فقال النبي صلى الله عليه وسلم حسبُك، فقال عبد الله بن مسعود فَنَظرتُ إليه فإذا هُو عيناه تَذرِفان عليه الصّلاة والسَّلام، والعُلماء يتحَدَّثون عن بُكاء النَّبي صلى الله عليه وسلّم عند هذه الآيات، وسبب بكائه النّبي صلى الله عليه وسلّم هل هُوَ من هذه الآية (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شهيداً) أو أنّه عمّا تقدَّم حتى الذِّي نتحدَّث عنه الآن من الآيات؟ والنَّبي صلّى الله عليه وسلَّم يَستحضِر وهُو يَسمع هَذه الآيات ما لَقِيَه النَّبي صلى الله عليه وسلم من المشركين من العَنَت ومن العَدَاء، ثمّ ما لَقِيَهُ من اليهود في المدينة ومن المنافقين، وكيف كان النّبي صلى الله عليه وسلّم يفهم القرآن الكريم، يعني نتخيَّل الآن نقول عبدالله بن مسعود ترجمان القرآن وأنه كان رضوان الله عليه من أعلم النّاس بالتفسير، يا أخي تخَيّل النّبي صلى الله عليه وسلّم وهُو أعلم النّاس بمعاني القرآن الكريم الذِّي أُنزِل عليه، كيف كان عليه الصّلاة والسّلام يتأَثَّر، ويتصَرّف مع هذا القرآن الكريم، كيف كان يفهم، كيف كان يتفاعل معها، كيف كان يقوم بها اللّيل، كيف كان يبكي من بعضها عليه الصَّلاة والسَّلام مِثل هذه الآية؟ ولا أدري هل هُناك آيات أخرى لها نظير في القرآن الكريم ثَبَت أنّ النّبي صلى الله عليه وسلّم بَكَى عندها؟

د. الطيّار: لا، إذا كان توَقّف عندها فَنَعم.

د. الشِّهري: مثل ماذا؟

د. الطيّار: مثل في قصة عيسى عليه السلام في آخر سورة المائدة (إن تُعَذِّبهُم فإنّهم عبادُك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم) كرَرّها في وِتره عليه الصّلاة والسّلام.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير