تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإنفاق الذِّي يُنفِقُونه على مُنَظَّمات التَّنصير وعلى جُهُودهم يتصَدَّى له إنفاق بسيط جِدّاً من إنفاق المؤمنين الصَّادقين لوجه الله سبحانه وتعالى مِمَّن ينطبق عليهم قول الله تعالى (إنّما نُطعِمُكُم لوجه الله لا نُريدُ منكم جزاءً ولا شُكُوراً)، تُوازِن بين هذا المعنى وهذا التَّصَرُّف (الذِّين يُنفقون أموالهم رئاءَ النَّاس) وبين الذِّين يُنفِقُون أموالهم ولا يريدون جَزاءً ولا شُكُوراً إلاَّ رِضَا الله سبحانه وتعالى.

د. الخضيري: تأكيداً لِكَلامِك سُبحَان الله، هؤلاء إذا أنفقوا يُنفِقون ويُجزِلُون في العطاء، لكن إذا عَرَفت الأسباب اتَّضَحت لك القضيِّة، العَجِيب أنَّ النَتَائِج ما هِيَ؟ النتَّائج خمسة وثمانين بالمائة من هذا الإنفاق يذهب في جُيُوب الذِّين يُدِيرون ذلك العمل، يعني الذِّي يتَبَقَّى للفُقَراء المقصُودين أوالمُستَهدَفين أيًّا كانُوا هِي خمسةَ عشرَ بالمائة من مُجمل التَّبَرُع، وهذه كَشَفَها أحد البَّاحثين الغَربيِّين في مَقالة تَزدَرِي المجتمع الغَربيِّ كيف نَحن نبذُل هذه الأموال الطَّائلة، وفي النِّهاية يعني مائة مليار لا يصل إلى الفُقَراء منها إلا (15) مليار و (85) مِليار تذهب في جيوب هؤلاء في إدارة العمل! لا بَرَكَةَ فيها.

د. الشِّهري: ما عندهم احتساب يا شيخ.

د. الخضيري: هناك ناس يَحتسبون، لَكِن في الجُملة هُناك خَلق كثير يَسترزِقُون من وَراء هذه الأشياء ويُبَّذِرونها ويُبَدِّدُونها وهذا جزاء من الله سبحانه وتعالى لهم عاجل في الدُّنيا. المؤسسات الخيرية الإسلامية تدخل إلى بعض الدُّول بملايين يسيرة جِدًّا بل مُتواضعة، ويمكن يُعدّ على أصابع اليد الواحدة ومع ذلك تُحدِث من الأثر شيئًا هائِلًا جِدّاً ولذلِك أنا أقول الحملة على الإرهاب من أعظم أسبابها هو هذه الغَيرة مِن المؤسسات الخَيرية الإسلامية التي تعمل في العَالم الإسلامي وفي غيره لأنّهم وَجَدُوا أنَّ لها آثار بالغة مع قِلَّتها لأنَّ غَالِب من يعمل فيها هم ناس مُحتَسِبون. وانظر مثلاً تَجِد ملجأ للأيتام يُديره الغَربيُّون تكلفِتهُ في السَنّة مليون دولار، مثله وأكثر عدداً من الأيتام يُديره المسلمون بمائة ألف دولار، انظر الفرق! يعني عشرة أضعاف

د. الطيّار: الصِّيغة في قوله (وماذا عليهم ... )

د. الشِّهري: استفهام استنكاري.

د. الطيّار: يعني هناك براعة في استخدام هذا الأسلوب، الذِّي إذَا نَظَرت إليه لأوَّل مرّة لا يُعطيك هذا المعنى.

د. الخضيري: لكنّه يُحَفِّز. والغَريب هذا الأسلوب موجود في القرآن في مواطن منها قول الله عزَّ وجل (وما أُمِروا إلاّ ليعبُدُوا الله مُخلصين له الدِّين حُنَفاء) يعني الذِّي أَمرناهم به ممَّا أعرضوا عنه وكفروا به هو شيءٌ ظاهر وواضح تُقِّرُهُ العقول، وهو من دينهم (وما أُمِروا إلاّ ليعبُدُوا الله مُخلصين له الدِّين حُنَفاء ويُقيموا الصّلاة ويُؤتوا الزّكاة وذلك دينُ القيِّمة) يعني هل محمد صلى الله عليه وسلم جاء إليكم لِيقُول لكم إجمعوا لي أموالكم، أو أعطوني نساءكم، أو غيَّر في ما جاء به الأنبياء؟! إنّما جاء بشيء جاء به من قَبلَه، فلماذا أنكرتُم؟ ولماذا لا تؤمنوا؟

د. الشِّهري: الحقيقة لفت نَظَري في الآيتين أيضاً الامتنان من الله سبحانه وتعالى في الآية الأولى وفي الآية الثَّانية في قوله (ويكتُمُونَ ما آتاهُم الله من فضله) يعني هل جزاءُ الإحسانِ إلاَّ الإحسان؟ أنَّ الله ما دام تفَضَّل عليك وأَعطاك إن لم يكن الجزاء أنّك تُقَدِّم وتبذل. وأيضاً في الآية التي بعدها في قوله (وأنفقوا ممّا رزَقَهُم الله) تُلاحِظُون الامتنان على الآخرين بما تُعطِيهم لا شَكّ أنّه ليس من مكارِم الأخلاق.

د. الطيّار: ولكنَّه من الله

د. الشِّهري: نعم، وأنَّ الله قد ذَمَّهُ وقال (ولا تُبطِلُوا صدقاتِكُم بالمنّ والأذى) لَكِنَّه من الله سبحانه وتعالى مقبول أليس كذلك؟! فالله سبحانه وتعالى يَمتَنّ علينا بخَلقِنا، يمتن علينا بالصِّحة، يمتنّ عليك بالرِّزق، يمتنّ عليك بالفضل، يمتَنّ عليك بالعلم، وأنت لا تملك إلا ّ أن تُذعِن لهذا الامتنان، لأنّ الله سبحانه وتعالى هو المُتَفَضِّل به ابتداءً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير