(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)
كان أخي الدكتور محمد أراد أن يُعدِد الصفات التي تُوصِف اليهود, وقد استمحته عذراً أن نُنهيَ المقطع, ووعدتُه بأن نعود مرةً أخرى إليه لننظر إلى الصفات التي وصف الله سبحانه وتعالى بها اليهود فلو تفضلتم دكتور محمد
د. الخضيري: طبعاً ابتدأت هذه الصفات من الآية التي فيها قول الله عز وجل (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) حيث ختمت بقوله (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) فهي أول صفة، صفة الكِبر وهي أعظم ما يصدّ الإنسان عن الحق. ثمّ ثنّى بالبخل, العجيب أنّه كما ابتُدأت بهاتين الصفتين خُتمت أيضاً صفات اليهود في هذا المقطع كله بهاتين الصفتين, فقال في ختام المقطع (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ) وهذا بُخل (فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ) كِبْراً. لاحظ ابتدأ بالبخل و الكِبر واختتم بالبخل والكِبر. الخصلة الثالثة يأمرون الناس بالبخل. الرابعة يكتمون ما آتاهم الله من فضله, نعوذ بالله من الخذلان. الخامسة: طبعاً لو قلنا (والذين ينفقون أمولهم رئاء الناس) فيهم أو في كفار مكة المهم تكون هي خامسة, (لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) قلنا هذه في كفار مكة
د. الطيار: لندع هذه الآية كلها في كفار مكة, سيأتينا من صفاتهم
د. الخضيري: ثم جاء بعد ذلك إلى صفات اليهود بشكل آخر فقال
د. الطيار: في آية (51)
د. الخضيري: لا، في قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ) واحد وخمسين أو أربع وأربعين يا أبو عبد الملك؟
د. الطيار: لا، المعذرة أنا أخطأت أربع وأربعين
د. الخضيري: (يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل) هذا أيضاً من صفاتهم, ثم أيضاً من صفاتهم (يحرفون الكلم عن مواضعه) , من صفاتهم أنهم يمعنون في المعصية يقولون سمعنا وعصينا, ومن صفاتهم عدم التأدب مع الكبار وأكبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (واسمع غير مسمع وراعنا ليّاً بألسنتهم وطعناً في الدين). من صفاتهم الطعن في الدين, أيضاً من صفاتهم التي ذكرها الله عز وجل أنهم يزكّون أنفسهم, ومن صفاتهم أنهم يفترون على الله الكذب, ومن صفاتهم أيضاً أنهم يؤمنون بالجبت والطاغوت, ومن صفاتهم أنهم يكْذِبون في الحكم فيقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلًا, ومن صفاتهم أيضاً أنهم كما ذكر الله عز وجل في غاية ما يكونون من البخل بما يؤتَوْن, وهذه صفة قد تقدّمت, ومن صفاتهم الحسد. الحقيقة إبن القيم وقف وقفة جميلة جداً في صفة الكِبْر والحسد وبيّن أنهما أهم وأعظم أصول الكفر يعني ما كان كفرٌ إلا بهما, الكِبْر والحَسَد, الكِبْر يمنع الإنسان عن قبول الحق, وكذلك الحسد يعني يتفرع منه فيحذر الإنسان من أن يتخلق بهذا الخلق أو يحصل عنده -نسأل الله العافية- شيء منهما فإنه يمنعه هذا الخير العظيم قبول الحق والدعوة إليه والإيمان به وإلى آخره
¥