د. الخضيري: ففيها من التلازم والدلالة على أن هؤلاء المنافقين وهؤلاء اليهود كأنهم من طينة واحدة, ونحن قبل فترة يسيرة في أحداث غزة الأليمة قبل عام ونيف رأينا كيف وقف المنافقون وقفة مشرفة مع اليهود مع الأسف وخالفوا أمة الإسلام كلها وأضحكوا الناس عليهم بطريقة سمجة. الظالم يضرب ويحصد ويلقي القنابل الحارقة والمحرمة دوليًا وهؤلاء يعتذرون للعدو ويبررون له مواقفه وهذا يدلك بلا شك على أن الواقع قد جاءك مطابقًا لما في القرآن. هنا ذكر اليهود في السورة سورة النساء وتحدثنا عنهم في الحلقات الماضية أما الآن جاء بذكر المنافقين وأنت الآن سألتني يا دكتور عبد الرحمن عن الصفات التي ذكرت لهم في هذه الآيات.
أولًا: يزعمون الزعم دعاوى بأنهم مؤمنون وأنهم صادقون وهذا كله كذب ولا يجوز أن يطلع على المؤمنين فيكون المؤمنين حذرين
الثاني: أنهم يرغبون في التحاكم إلى الطاغوت أيًا كان ذلك الطاغوت المهم أنهم لا يتحاكمون إلى الشرع, والطاغوت المقصود به: كل ما يعطى مكانة غير مكانته فمثلًا القانون يعتبر طاغوتًا لما يتحاكموا إليه والله عز وجل نهانا عن التحاكم إليه قد صار طاغوتًا لأنك قد تجاوزت به حده وهو لا يجوز التحاكم إليه. وكذلك الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله أو الساحر أو الكاهن أو الإمام المتبوع بالباطل أو أيًا كان كل هؤلاء يعتبرون طواغيت.
الثالث: من صفاتهم الصدّ إذا قيل لهم تعالوا إلى رسول الله تعالوا إلى الحكم بشرع الله تعالوا إلى المحكمة الشرعية صدوا صدودًا عظيمًا فأكثر ما يؤذيهم ويؤلمهم وينفرهم ويشتد عليهم هو أن يُدعَوا إلى حكم الله. ولذلك هم يصدون تمامًا وعندما يأتي ذكر الشرع وأحكام الشرع يأنفون منها ولو وافقت الحق. ولعلنا نذكر الآن قضية الاختلاط وما يتصل بها تدل الدلائل الشرعية والدلائل الواقعية على أن هذا الأمر من الأمور المنكَرة وأنه مما يحصل به الخطر للأمة وعلى قيمها وتقاليدها وأبنائها وتجد هؤلاء يصدون. بل حتى مثلًا موضوع تعدد الزوجات تجد هؤلاء يصدون تمامًا عنه ممكن يجدون مائة ألف حل لكن التعدد لا يمكن أن يكون حلًا في المجتمع! ممكن الزنا يكون حل الإجهاض يكون حلًا! السحاق الشذوذ كل هذه الأشياء يقبلون بها ويرضونها وإن كانت مخالفة للفطر والعقول لكن التعدد يبقى شيئًا منبوذًا لماذا؟! لأنه جاء من حكم الله ولم يأتِ من حكم الطاغوت. قال (يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا) ثم قال
د. الشهري: ما أجمل التعبير في قوله (يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا) يعني ينطبق على حال هؤلاء المنافقين وهم يحاولون يراوغون عن حكم الشرع
د. الخضيري: ثم قال يحلفون أيضًا (إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا) يعني من صفاتهم أنهم عند وقوع الملمّات
د. الشهري: والله، والله،
د. الخضيري: أولًا يأتون لأنهم ناس مصلحيون نفعيون ما عندهم شيء غير مصالحهم فإذا اضطرتهم للمجيء إليك جاؤوا ويتذرعون عندما يجيئون بالحًلِف. ما عندهم شيء يستندون عليه من قيم وأعمال وتاريخ إلا الحَلِف
د. الشهري: (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ)
د. الخضيري: ذكر قصة الحلف لهم في القرآن كثيرة جدًا والواقع يؤكد هذا. يعني تجد كثير منهم إذا اتهم أنه يفعل أو يماري العدو أو إلى آخره حلف بالله أن هذا غير صحيح وأنهم أكثر الناس تقوى لله وأنهم يحجون ويعتمرون وأنهم يقرأون القرآن وهذا كله للتمويه والكذب
د. الشهري: جميل جدًا. تأتي يا دكتور مساعد الآن في قوله تعالى (إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا) يعني الآن المنافقون يذهبون مذهب غير الشرع ويبحثون عن التحاكم إلى غير الشرع ضبطت الأمور أهلًا وسهلًا، رجعت الأمور بنتائج عكسية جاءك التبرير قال (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا) تذكر الفلاسفة يا دكتور مساعد حاولوا أن يزاوجوا إن صح التعبير بين الفلسفة وبين الشريعة فهل يمكن إدخالها في مثل هذه الآية؟!
¥