تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[جواب سؤال {الفرق بين البلاغة والإعجاز في القرآن} *]

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[10 - 07 - 2008, 12:25 م]ـ

الفرق بين البلاغة والإعجاز في القرآن

(1412 مجموع الكلمات في النص:)

بسم الله الرحمن الرحيم

الفرق بين البلاغة والإعجاز في القرآن

جواب سؤال

س1: جاء في مقدمة الدستور ما نصّه: ((فيكون الإعجاز إنما هو باللفظ العربي المعبِّر عن المعنى بالأسلوب العربي، أي أن قوله تعالى: {وإما تخافنَّ من قومٍ خيانةً فانبِذ إليهم على سَواءٍ} معجزة للناس أن يأتوا بمثلها، وإعجازها آتٍ من روعة التعبير بهذه الألفاظ عن المعاني التي أدّاها هذا السبك بهذا الأسلوب)) نرجو التوضيح.

ج: القرآن هو كلام الله المنزَّلُ على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لفظاً ومعنى، وهو معجِز بذاته لا بأمرٍ خارج عنه. وإعجاز القرآن واضح في أسلوبه، أي في كيفية التعبير لتصوير المعاني بالعبارات اللغوية. فالإعجاز هو التعبير عن المعاني بكلامٍ فصيحٍ بليغٍ مؤثرٍ منظومٍ على طراز يَعْجَز البشر عن مضاهاته. وقد يظهر في الآية الواحدة البلاغةُ والفصاحة وجمال التعبير وقوّة التأثير في السامع، كما في قوله تعالى في سورة هود: {وقِيلَ يا أرضُ ابْلعي ماءَكِ ويا سماءُ اقْلِعي، وغِيض الماءُ وقُضِي الأمرُ واستوتْ على الجُودِيّ، وقيل بُعْداً للقوِم الظالمين}. وقد لا يظهر في بعضها الآخر منفردةً، في نحو قوله تعالى في سورة يوسف: {الر، تلك آياتُ الكتابِ المبين}، وفي سورة مريم: {كهيعص}، وفي كلٍ من الآياتِ التالية من سورة الرحمن: {الرحمن} {علَّم القرآنَ}، {خَلَق الإنسانَ}، {علَّمه البيان}. ولكن البلاغة والفصاحة والتأثير في السامع يُلمس فيها من سياقها مع غيرها من الآيات. ومما يجب أن يُعلم أن الفصاحة والبلاغة وقوّة التأثير في السامع يُلمس شيء والإعجاز شيء آخر. إذ الإعجاز هو التعبير عن المعاني بكلامٍ فصيح بليغٍ مؤثّر منظومٍ على صورة غير معهودة عند العرب في أساليب تعبيرهم، أي مغايرة لأساليبهم. وأظهر ما تكون المغايرة في السورة أو السوَر حيث يتصرّف القرآن بالتعبير متنقلاً بين أنواع النثر كالنثر المرسل والمزدوج والمسجوع، والمراوحة بين الأساليب الإنشائية والخبرية بشكل بديع مدهش دون أن يلتزم شيئاً واحداً منها، فيمزج بين أنواع التعبير مزجاً مُحيِّرا للبليغ المدرك للمعاني، ومستولياً على أحاسيس المستمع سواء كان مدركاً للمعاني أو غير مدرك، وإذا لَزِمَ نوعاً منها فإنه يكون في القمّة، بحيث لو أراد البليغُ أن يشابهه لعَجَز وانقطع. وعلى هذا فالبلاغة والفصاحة وقوة التأثير يمكن أن تَتبيَّن في الآية الواحدة، ولكن الإعجاز لا يتبيَّن. ووصف آية من القرآن بأنها معجزة للناس أن يأتوا بمثلها وصف لما فيها من البلاغة والفصاحة وقوة التأثير، وليس تحديداً لمعنى الإعجاز ومقداره، حيث قام الدليل القطعي على أن السورة من القرآن هي أقلّ قدرٍ معجزٍ من القرآن وليس الآية. وعليه فاشتراط مَنْ اشتَرَط للإعجاز مقدارَ أطول آيةٍ أو آيات كثيرة، ((حتى يكون الحديثُ تامّاً ويَتبيَّن فيه البلاغة، والتي محصولُها الإبانةُ في الإبلاغ عن ذاتِ النَّفسِ على أحسن معنى وأجزل لفظ، وبلوغُ الغاية في المقصود بالكلامِ، وأنه إذا تجاوز حدَّ البلاغة إلى حيثُ لا يَقْدر عليه أهلُ الصناعة ويعجز عنه الكاملُ في البراعة حُكِمَ له بالإعجاز)) غيرُ صحيح، لأنه مبناه على البلاغة وحسن المعنى، وهو غير كافٍ في الدلالة على الإعجاز، لأن قُصارى ما يعرفه البليغ من الآية أو الآيات هو بلاغتها وفصاحتها وقوة تأثيرها. وإقرار بليغ بعجزه ليس حجة على عجز غيره من البلغاء، إذ العبرة بعجز البشر جميعهم لا بعجز فرد أو أفراد منهم. فالعبرة هو تحقُّق الإعجاز، والإعجاز يُعْرَف بعجز العرب عن الإتيان بمثله مع وجود التقريع والاستفزاز بالتحدي. ويكفي دلالة على عدم وجود ضابط لغوي يُعرف به الإعجاز إقرارُ العلماء بالعجز عن معرفة وجه الإعجاز وموضعه في كل قَدْرٍ من القرآن، وقولُهم بأن الإعجاز في السور الطوال أوضحُ منه في السور القِصار، وأن الإعجاز في بعض السور والآيات أظهرُ وفي بعضها أغمضُ وأدق، وإقراراهم بأن العالمِ البليغ قد يذهبُ عليه الوجهُ في بعض السور

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير