[تحقيق التراث بين الالتزام والعبث للدكتور محمد عبيد]
ـ[عاشق التراث]ــــــــ[13 - 11 - 2008, 12:31 م]ـ
:::
من المعلوم أن التحقيق لا يسمى تحقيقًا إلا إذا خرج العمل المحقق على أسس صحيحة محكمة من التحقيق العلمي في عنوان النص المحقق، واسم مؤلفه، ونسبته إليه , وتحريره من التصحيف والتحريف والخطأ والنقص والزيادة، أو إخراجه بصورة مطابقة لأصل المؤلف ()، ومن المعلوم – أيضًا- أن المحقق – بعامة- إنما يسمى محققًا إذا وجد نصًّا مخطوطًا أو أكثر لكتاب مهم، ثم قام بتوثيقه ودراسته ونشره نشرًا علميًّا لينتفع به المتخصصون والباحثون ()، فهذا هو شرط التحقيق والمحقق، وكثير من الكتب التي خرجت في الآونة الأخيرة من تراثنا العلمي على أنها محققة تحتاج إلى وقفة تقويم وتصحيح وإعادة نظر لما يعتور جهود المحققين لها من قصور واضح في الالتزام بالنهج الأمثل للتحقيق ()، وإذا كان هذا هو الواقع في أغلب التحقيقات التي تصدر في هذا الزمن بما يشيع فيها من التصحيف والتحريف والخلل والأخطاء العلمية في التعليقات إلى درجة يتمنى المرء لو أن تلك الكتب خرجت بدون ذلك التحقيق الذي عدمه أجدى وأنفع من وجوده ()، ولعل ذلك السبب يعود إلى إسناد الأمر لغير أهله وإعطاء القوس لغير باريها ().
ومن هذه النماذج التي لم يُراع فيها التحقيق العلمي: كتاب معاني القرآن للنحاس، وقد حقق الكتاب مرتين، حيث حققه الشيخ محمد علي الصابوني عن معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي عام 1988م في ست مجلدات، وحققه الدكتور يحيى مراد عام 1425هـ عن دار الحديث بالقاهرة في مجلدين.
وكنت قد اطلعت على تحقيق الدكتور يحيى مراد قبل تحقيق الشيخ الصابوني وعند قراءة المقدمة عند الدكتور يحيى مراد وجدته قد سطا على جزء كبير من مقدمة أحمد نجاتي ومحمد النجار في معاني القرآن للفراء فوقع في نفسي شك من التحقيق ثم أكملت قراءة الكتاب فوجدته قد ملئ بالأخطاء والتصحيفات والتحريفات – وكنت أعلم بالنسخة الأخرى التي للشيخ الصابوني – فعزمت على المقارنة بينهما وفي نفسي هذا الشك، ولما اطلعت على نسخة الصابوني تحول شكي إلى يقين بأن التحقيقين عبارة عن تحقيق واحد أحدهما مصور عن الآخر مع محاولة في تغيير بعض الهوامش والتعليقات وأشياء أخرى- موجودة في هذا البحث- وهنا عزمت على دراسة تحقيق التحقيقين – وإن كانا في الأصل تحقيقًا واحدًا- دراسة نقدية في ضوء سورة الفاتحة والبقرة منبهًا على الأخطاء العلمية التي وقع فيها المحققان، والله نسأله العون والتوفيق.
1 - الأخذ من الغير دون الإشارة إليه:
مما يوهم أن هذا الكلام من كلام المحقق والأمر على خلاف ذلك، ولعل أصدق مثالٍ لذلك انتحال الدكتور مراد في المقدمة التي كتبها- أعني المحقق- وكان من المفترض أن تكون المقدمة خلاصة لتجربته مع الكتاب، فإذا به يأخذ كلام الأستاذ أحمد نجاتي و الأستاذ محمد علي النجار في مقدمة كتاب معاني القرآن للفراء ().
2 - محاولة التغيير في النص المأخوذ دون الإشارة لصاحبه:
ويأتي ذلك في محاولة لإخفاء معالم النص المسروق، وإخفاء معالم هذا النص قد تكون بالنقص منه أو بالزيادة فيه.
فمن نماذج الزيادة على النص أن نجاتي والنجار كتبا شيئًا حول تركيب معاني القرآن تحت عنوان: معاني القرآن ()، وقد أضاف الدكتور يحيى مراد على هذا العنوان بين قوسين كلمتي (المصطلح والمفهوم) ().
ومن نماذج الزيادة أيضًا في النص المسروق في المقدمة أن نجاتي والنجار جاءت عبارتهما على هذا النحو: " وقد كتب في معاني القرآن كثير من الفحول () " في حين زاد الدكتور مراد كلمة العلماء قبل كلمة الفحول ().
ومن نماذج النقص في النص أيضا إسقاط حرف الواو () في قول نجاتي والنجار () في قولهما: ويقول الطحاوي، وإسقاط الجملة الاعتراضية () في قولهما – على ما كشف الظنون () وإسقاط حرف الجر () الذي بغيره تفسد الجملة عندما قالا: وصنف من الكوفيين: الكسائي ثم الفراء ()، فأسقط الدكتور مراد كلمة من وترك الجملة هكذا , وصنف الكوفيين الكسائي مما يعد عبثًا في النص وسطوًا على نقول الغير.
3 - السطو على حواشي محقق آخر مع الاعتراف الناقص بذلك:
¥