تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كان السحر شائعا في زمن موسى عليه السلام، فأرسله الله تعالى بشيء شبيه بالسحر، وإن لم يكن سحرا على الحقيقة. وفي عهد عيسى عليه السلام برع الناس في الطب، فجاء بشيء يُعجز الأطباء، وهو أن يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله. فكذلك محمد صلى الله عليه وسلم، لما كان العرب برعوا في البلاغة والفصاحة وبلغوا فيها ما بلغوا، جاءت المعجزة تتحداهم فيما برعوا فيه. فعلام يدلك ذلك!

نعم. إني أفهم مرادك. في العربية خصائص وأدوات كثيرة توجد فيما سواها من اللغات، بل ربما وُجدت خصائص في لغة ما ليست في العربية. وليس ذلك بعجيب، فهي لغات جميعا، تختلف مذاهبها. ولعل كونك متخصصا في اللسانيات حملك على إغفال وجوه أخرى.

أحدها، أن اللغة وسيلة للمتكلم. فلذلك لا تتأمل خصائص اللغة متفرقة، ولكن تأملها مجتمعة، تأمل ما تُمْكن اللغةُ المتكلم بها. وإذا تأملت العربية علمت فضلها على سائر اللغات. تأمل كيف يعرب ويفصح المتكلم بها عما في نفسه، فِكْرا كان أو مشاعر، وذلك لثروتها المعجمية وسعة تراكيبها وخصائصها الأخرى.

والثاني، أن ألفاظها في ذلك كله، أعني الوجه الأول، ملائِمة للموضع ملائَمة عجيبة. فاللفظ بحسب الموضع إما شديد أو قوي أو رقيق أو حلو أو عذب وما أشبه ذلك. أما وضوح ألفاظها وكلماتها فأمر آخر، ولا يغرنك أنّا قد نرى ذلك لاعتيادنا إياها وعدم اعتيادنا ما سواها. فإني أذكر لك مقياسا تقنيا. نعم، فقد أجرى اليابانيون منذ قريب تجربة في اللغات الحية، أيها يميّز الحاسوب ألفاظها وكلماتها تمييزا أكبر، فكانت العربية الأولى.

الثالث، أن اللغة أداة للفكر، وهي تصوغ فكر الإنسان، فيفكر بتراكيبها وأدواتها، وينظر إلى الأشياء من منظارها. وهنا وجه آخر لعلو منزلة العربية. وقد قال أحد القدماء: "تعلم العربية فإنها تجريك على المنطق". وإني أعتقد أنها أحد أسباب ذكاء الطفل العربي، على ما ذكرته بعض الدراسات. وأنا أخبرك بشيء. لي أبناء أخت صغار، لم يذهبوا إلى المدرسة بعد، أتحدث إليهم بالعربية الفصحى وأعلمهم إياها، فرأيت عجبا، رأيتهم يحبونها ويحفظون ألفاظها سريعا، ويذكرون معان تكبر سنهم، وقد ذكر بعض الناس نحوا من هذا.

نعم، هذه هي اللغة العربية، اللغة الشريفة.

ـ[ضاد]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 01:10 ص]ـ

أشكر لك مشاركتك.

1 - هل تظن أن بقية البشر الذين لا يتكلمون العربية غير قادرين على التعبير عما يخالجهم أو على التواصل فيما بينهم؟ هل تظن أنه لا شعر إلا في العربية؟ وأنه لا غناء ولا ألحان إلا في العربية؟ هل تظن أن بقية البشر مقصرون في تعبيراتهم لأنهم لا يتكلمون العربية؟

2 - أما التجربة فهات مقالا عنها لأقرأه, أما الملاءمة فهي نسبية, كما أن أذواق الناس نسبية, فلغة مجموعة لغوية ما تلائم إدراك تلك المجموعة للكون, بشتى صوره التي اعتادوه عليه.

3 - ذكاء الطفل العربي؟ أنى لك هذا؟ هذا الذي ذكرته يحصل مع أي طفل يعتنى به لغويا فيتعلم بسهولة لأنه طفل ما زالت ملكة اللغة عنده في أوج تطورها. فلو عودت ابنك على التكلم بالعربية لتعلمها كما أن الطفل الياباني يتعلم اليابانية من أبويه. أما المنطق فأنا أشك في أن العربية لغةً تعلم المنطق, أما أدبا فأجل, بسبب ثراء الأدب العربي. أما غير ذلك فهي مثل غيرها.

وهذه هي اللغة العربية الشريفة بالإسلام. فقط. ولولاه لاندثرت في القرن العشرين, كيف لا والعالم العربي كان جله يرزح تحت الاستعمار, ولم يفلح الاستعمار في محو اللغة من حضارتنا وقد محاها من كثير من الدول الإفريقية وغيرها. ذلك بفضل الله ودينه الحنيف.

ـ[ضاد]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 01:41 ص]ـ

لا أحب أن يفهم أحد من هذا النقاش أني لا أحب العربية. بلى, أنا أحب العربية جدا وهي لغتي التي أعتز بها. ولكن هذا لا يجرني إلى أن أنظر نظرة دونية إلى بقية لغات العالم, بل أنا أنظر إليها نظرة انبهار من هذا التنوع اللغوي الذي خلقه الله تعالى, ولو كانت الأمنيات تتحقق لتمنيت أن أتقن لغات العالم كلها. وكنت أقول لزملائي هنا أن ثمة أمرين عندي لا أستوعبهما إلا بلسان العرب, هما عبارات الحب والأرقام, فعبارات الحب لا معنى لها عندي إلا إذا كانت بالعربية, والأرقام لا أستوعب قيمتها إلا إذا نطقتها بالعربية وذلك لرسوخ العربية في إدراكي.

بوركتم جميعا.

ـ[مسعود]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 02:32 ص]ـ

:)

1 - رحمك الله، هل قلتُ إن من لا يتكلم العربية ليس قادرا على التواصل، إن الأبكم يمكنه التواصل، يا أخي، بإيجاز أعيد كلام روفائيل بتي الذي يتكلم تسع لغات، فوالله فيه كفاية: "قدرتها على أن تخترق مستويات الفهم والإدراك، وأن تنفذ وبشكل مباشر إلى المشاعر والأحاسيس" يعني أنها أقدر من غيرها في هذا الشأن. وهل قلتُ إن اللغات الأخرى ليس فيها شعر أو غناء أو ألحان! ومن يعتقد ذلك! بل إن أكثر اللغات بدائية فيها شيء من هذا.

2 - ولم أعطيك مقالة تقرأها، أعجبت من ذلك! أما الملائمة فصدقت، هي نسبية، إني أعلم ذلك، وإنما قصدت سعة العربية في ذلك.

3 - وأما قولك في منطق العربية (فحرام عليك:)) هذا والله من أخص خصائص العربية. عجبا! ولم تشك في ذكاء الطفل العربي؟ لا تنظر إلى بيئة فقيرة متخلفة ثم تشك في مقدار الذكاء.

ثم إنه لا علاقة بين فضل اللغة واندثارها. والحمد لله الذي حفظ لنا العربية.

ضاد، أنا لا أقصي اللغات الأخرى، وأنا أجيد الإنجليزية، ولكن الوجوه التي قد ذكرتها وغيرها تقتضي أن العربية هي أفضل اللغات.

تحية طيبة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير