تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أو لعله إكبار النفس وأنها لا تهوى العادي .. النمطي .. المتشابه، فهو إن أثنى على ندرتها إنما يُثني على دقة اختياره، وحصافة رأيه وسلامة مساره .. في دفاع أمام حلف العواذل

وإن العواذلَ قد قمن مني مقاما يذوب له الصخرُ فَرْقا

يقولون لا فرق ليلى بليلى!! فمُدّ الحبال وألْقِ لتلقى

يا ليتهنَّ يُدركن أنّ القضية ليست حبالا وشبكة وصيدا وفيرا .. يأنف الشاعر أن يكون كذلك .. فيرد بجواب مُسكت أنه أمام نادرة قليلا ما تتكرر ..

ومن اللطيف أنه كذلك فعل صاحبه المتنبي أمام عاذلة قالت له ما معناه:" أنت تبالغ كثيرا في حبك لها " فاتهمها بصنوف الجهل؛ ليس دفاعا مستميتا عمن يحبها بقدر ما هو دفاع عن سمو نفسه وعشقها للمتفرد النادر:

تقولين: ما في الناس مثلُك عاشق ٌ ** جدي مثلَ من أحببْتُه .. تجدي مثلي!

إذن هي ليست ليلى بليلى .. هي رؤية ورمز للعقل والروح التي تختار ليلى ..

الروح التي كما يقول الأخصائيون " تركز على الفرق لتصنع الفرق "

وما كان عنديَ من قبل فرقٌ ولكنه العشقُ يُحْدِثُ فرقا

الفرق الذي لا يُرى بالعين المجردة، الفرق الذي لا تشعر به أكثر الكائنات الحية، الفرق الذي يمنح الأشياء اختلافا وتباينا واضحا قبل وبعد قرب الأحباب منها، الفرق أكبر من التوضيح والتفصيل والتعليل والتحليل،

الفرق في جمال النفس والأخلاق "المغيّب شعريا –غالبا –"

(وددتُ لو تقدَّم الخُلق على الخَلق وأن يكون الخَلق جمالا لا كمالا!)

وإنك عندي لأطيبُ نفْسًا وأكملُ خَلْقًا، وأحسنُ خُلْقا

أراكِ بعينين: عين مُحِبٍ وأخرى ترى الحُسْنَ حقًّا وصدقا

ترك العواذل جانبا، وتوجه لها فهي من يعنيه، وأجْمَلَ لها -بحذاقة - الدليل على صدقه: أنه يراها بعينين: عين راضية كليلة،وعين واقعية حقيقية:

فإن غفت عين المحب،تنبَّهت عين الإنصاف، فلا تبصران كلاهما إلا الفرق، ولا تتأملان إلا النادر ولا تقَعَان إلى على الرائع ما دامت لهما قدرة على الإبصار ..

دامت بصيرتك شاعرنا ..

ـ[هادية الجزائري]ــــــــ[20 - 01 - 2009, 12:03 م]ـ

بوركت اخي ........................... تقبل مروري

ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[21 - 01 - 2009, 02:08 ص]ـ

شاعرنا المبدع المحلِّق خارج السرب، ألجمت غزة نصرها الله وأحداثها الموجعة تأمل كل ما عداها حتى نصوص غزة فهي أكبر من التعليق والثناء ولا أقول إلا:هنيئا لمن استطاع التعبير عنها ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما حول النص:

فقد خرجت هذه الأبيات عميقة من أغوار الذات تماما كما كانت قافيتها قافا حلقيا عميقا .. مما جعل الامتداد الصوتي في ألف الإطلاق قصير المدى، عذب الصدى ..

تدفق النص أمامي بطريقتين: طريقة منتظمة دقيقة، تسيِّر النص سواقي الصنعة والحرفة "الأبيات السبعة الأولى "

وطريقة الانسياب العذب من الأعماق الصادقة "الأبيات الخمسة الأخيرة "

ففي الأبيات الأولى استعصت على فهمي بعض الصور " مثلا نزع السهم فيشتد غرقا " أو " الخفض بؤسا " على جمال التنغيم " بين البؤس واليأس والرق "

أما رقة الأبيات الأخيرة فهي مما لا يضله الفهم، ولا يكذبه الشعور ..

الشاعر المتفرد والمختلف دائما يلحّ ويؤكد على أن من يحب متفرد ومختلف،

يأتي هذا جليا إن ورد ذكر العواذل؛ لعله التبرير والدفاع أمام سُلطة ما لا يقوى دفعَه!

أو لعله إكبار النفس وأنها لا تهوى العادي .. النمطي .. المتشابه، فهو إن أثنى على ندرتها إنما يُثني على دقة اختياره، وحصافة رأيه وسلامة مساره .. في دفاع أمام حلف العواذل

وإن العواذلَ قد قمن مني مقاما يذوب له الصخرُ فَرْقا

يقولون لا فرق ليلى بليلى!! فمُدّ الحبال وألْقِ لتلقى

يا ليتهنَّ يُدركن أنّ القضية ليست حبالا وشبكة وصيدا وفيرا .. يأنف الشاعر أن يكون كذلك .. فيرد بجواب مُسكت أنه أمام نادرة قليلا ما تتكرر ..

ومن اللطيف أنه كذلك فعل صاحبه المتنبي أمام عاذلة قالت له ما معناه:" أنت تبالغ كثيرا في حبك لها " فاتهمها بصنوف الجهل؛ ليس دفاعا مستميتا عمن يحبها بقدر ما هو دفاع عن سمو نفسه وعشقها للمتفرد النادر:

تقولين: ما في الناس مثلُك عاشق ٌ ** جدي مثلَ من أحببْتُه .. تجدي مثلي!

إذن هي ليست ليلى بليلى .. هي رؤية ورمز للعقل والروح التي تختار ليلى ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير