تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الصوت الساري]

ـ[قفا نبك]ــــــــ[26 - 02 - 2009, 12:03 م]ـ

بينا أنا في غمرة الحياة أعالج أمورها و أستمتع بملذاتها، وأعاني من بأسائها كما يعاني غيري من بني البشر ويعالج، بينا أنا كذلك إذ بطائر يشدو بهذه القصة التي جلبني لاستماعها عنوة، وأظن أنكم تسمعونها كسماعي لها أو أشدّ، حين تطالعون في دفتي الحياة .....

في غيابات الزمنْ

كان طير يبعث اللحن حزينا

فوق أوراق فَنَنْ

وجوار الطير آهاتٌ حزينهْ

تستبد الصمتَ ..... تجتاح السكينهْ

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

يسلب الليل سكونَهْ

يكسب الليل شجونَهْ

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

يجلب الضوضاء في ساحِ السكونْ

ويزج النفس في بحر الظنونْ

ياترى من صاحب الصوت الحزينْ؟

لست أدري من يكونْ

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

حدث الطير حديثاً

يسلب الألباب عذباً

ويزيد السمع شوقاً ويزيد القلب حباً

ليس عذبا في البداية إنه عذب النهايهْ

سوف أحكي عن سجينهْ

حكم الحزن عليها في عذابهْ

وكساها من ثيابهْ

ومضت تأسر الآهات فاها

وسياط البرد تحتل قفاها

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

ليس يؤيها سوى كوخ صغيرْ

ليس يكفيها المصيفْ

أو شتاء أو خريفْ

والربيع الطلق؟ ليس يأتي نحوها

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

ويظل الكوخ مأوى. يحمل الهمّ الكبيرْ

ضاقت الأبراج عن تلك الهمومْ

ضاقت الأبراج عن حمل عظيمْ

عن عظيم الحمل قد ضاقت قصورْ

لم تسع إلا السريرْ

أو فراشا من حريرْ

ويظل الكوخ مأوى

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

ذات يوم وأساها قد تنامى

ويقين الحق منها في ديار الوهم هاما

إذ نمى في سمعها قرع نعالْ

وتحدث نفسها: ذاك خيالْ

لم أواعد زائرا يأتي هنا

إنني في عزلتي منذ زمانْ

لست أدري كم يكونْ؟

أشهورا أم سنينْ؟

أعقودا أم قرونْ؟

إنه دهر طويلْ

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

ويظل القرع يدنو

خطوة تلحق خطوهْ

إنه حق يقين ليس وهما أوظنونْ

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

يقرع القادم بابا

وتسائل نفسها من ذا يكونْ

ولماذا في ظلام الليل يأتي

هل أتاني للزيارهْ

أم ترى قد ضل دارهْ

أم أنه قد حان وقتي

لست أدري ما يكونْ

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

ويزيد القرع فجأهْ

ويواهي كلّ أسباب الفِكَرْ

فتحث الخَطْوَ تمشي في حذر

وتحث السير نحو الباب ... تستجلي الخبرْ

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

حدقت من خلال الباب عينا

ثم ظلت ترقبهْ

وظلام الليل أمسى يحجبهْ

وبنظرة .. تلو نظرهْ

ظلت الأعين تجلو مَنْظَرَهْ

لمحت شيئا عجيبا

يبعث الأمن ويستدعي السكونْ

لا مجالاً للمخاطر لا مجالاً للظنونْ

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

لمحت في كفه اليمنى دواةً

وفتاتاً من قصبْ

واستدارت عينها نحو الشِمالْ

فاستقرت فوق قرطاس ودفترْ

ياله من منظر يسلب القلب ويسحرْ

ليس إلا ما أرى من سلاح الكاتبينْ

سوف أدنو لا محالهْ

سوف أدنولا ضررْ

لست أخشى من خطرْ

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

هزت الباب وزاحت مِزْلَقَهْ

وهْي تبدو مُطْرِقهْ

ثم قالت أيها الضيف تفضَّلْ

في ديار الخائفينْ

ليس إلا ما ترى من مسكني

ليس إلّاي هنا

بعد أن عقّ البنونْ

ثم راحت تتحدثْ

عن مآس وحوادثْ

في عصور الحزن مرت بعد أن عق البنونْ

تسرد الأقوال سردا

حادثا من بعد حادثْ

ثم حانت نحو وجه الضيف منها نظرةً

فاستحالت عجبا

إنه أمر عجيبْ

إنه وجه أليفْ

ليس جاف أو مخيفْ

ليس هذا الوجه مني بغريبْ

ثم راحت تتذكرْ

يا ترى من ذا يكونْ؟

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

قلبت أوراق ماضيها القديمْ

وهي ترثي مجد ماضيها الرميمْ

ثم صاحت ... صاحب القرطاس هذا

قد عرفتهْ ... قد عرفتهْ

ليت أني لم أجاوبه جوابا

ليتني أوصدت بابا

ثم ظلت تنظر القرطاس يُنْشَرْ

تنظر الأقلام تبرى ثم تغمس في دواهْ

ثم راح الضيف يكتبْ

ويظل الصوت يسري نحو آفاق بعيدهْ

راعها الضيف الوجومْ

ليس إلا صوت أقلام القصبْ

تبعث الرعب وتجترّ الهمومْ

ثم قالت ووقود الصبر منها قد نفدْ

أيها الضيف تمهل ما ستكتبْ؟

نظر الضيف إليها ودموع منه تجري

فوق خديه وتسري

نحو حبات الترابْ

ثم يمضي ناطقا ذلك الضيف الوجومْ

سوف أكتب ماأرى

عن بنيك التائهينْ

خلف أسوار الحقيقه

كيف عقوك وعاشوا في القصورْ

بين نهر وحديقهْ

بين كأس وصديقهْ

كيف عقوك وعاشوا في القصورْ

بعد أن كنت الأميرهْ

وبلاد الكون طوعا في يديكْ

ليس أمرا غير أمركْ

ليس نهيا غير نهيكْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير