ثم القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوَّمة والأنعام والحرث: لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال» [10].
- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن ممَّا أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومُضلاَّت الفتن» وفي رواية «ومُضلاَّت الهوى» [11].
ووسيلة ضبطها «أي الشهوات» ذكرها القرآن بعد سردها كلها فقال سبحانه: [قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ] (آل عمران: 15 - 17).
وهذا يدل على الاعتقاد الجازم بقضاء الله، وأن محل تحقيق شهوات النفس دون الوقوع فيما يغضب الله الَجنانُ؛ حيث يقول تعالى: [وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ] (الأنبياء: 102).
وقال تعالى: [وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ] (فصلت: 31).
وقال تعالى: [وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ] (الزخرف: 71).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ: مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يجيءُ بَعْدَمَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ! فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ؟ فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ! فَيَقُولُ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ.
فَقَالَ فِى الخَامِسَةِ: رَضِيتُ رَبِّ! فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ.
فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ! قالَ: رَبِّ! فَأَعْلاَهُمْ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ، غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
قَالَ وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: [فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] (السجدة: 17) [12]».
2 - الغفلة ووسيلة ضبطها اليقظة والتذكر: واليقظة تعني ضمن ما تعنيه طرد الغفلة والتفريط الذي يحصل للنفس البشرية، وقد حذَّر الشارع الحكيم من الوقوع في ذلك فقال: [وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ] (الزمر: 55 - 56).
والتفريط يعني: التقصير والتضييع كما في اللِّسان، فرط في الأمر أي: قصر فيه وضيعه [13].
وهو لا يحصل إلا بالغفلة والنسيان، أو التكاسل والإهمال.
ومسلمو اليوم كما غالى الكثير منهم في الكثير من أمور دينهم، ضيَّعوا الكثير من أمور دينهم وابتعدوا عن منهج حبيبهم محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولكل ما وقع بالتأكيد أسباب أدَّت إليه وأوقعت فيه، أسباب محتاجة إلى تجليتها وبيانها، لعلَّ الأعين تبصر، والآذان تسمع، والقلوب تعقل، فتحصل الوقفة النقدية المرجوة، بحثاً عن التصحيح.
وهي كثيرة، قد نصل إلى إدراك بعضها وقد تغيب أخرى، ومنها: - الانشغال التامُّ بالدنيا.
- الاقتصار على بعض مظاهر التدين.
- عدم إدراك قيمة النِّعم وقدر المنعم.
- التسويف.
¥