تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومع ذلك كله لم يمنع العلماء من كتابة القرآن أو بعضه على ما أحدث الناس، ولا نجد دليلا يمنع من ذلك. ما دام الرسم محفوظا يرجع إليه القراء والباحثون. ثم إن كلام مالك وأحمد لا يُفهم منه حُرمة ذلك أو كُفر فاعله أبدا، إنما كرهوه لما ذكرنا. ولو كان القول بالتوقيف ظاهرا في الناس جليا مسلما به معمولا عليه الإجماع كما ظننتم = ما استفتى الناسُ مالكا والأئمةَ في ذلك، ولروى الأئمة دلائله في كتبهم وفتاويهم واستشهدوا به على أقوالهم، ولما رأينا مصاحف كثيرة في خزانات العالم مما يرجع إلى القرون الأولى - لا تكاد تجد تطابقا تاما بين ثلاثة منها في ظواهر الرسم التي لا يختلف الأداء بتغير وجوهها، وإن كُتبت جميعا وفق ما صح ولاقى القبول من قراءات أئمة الأمصار.

ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[25 Dec 2010, 04:59 ص]ـ

قلنا من قبل أننا نرجّح أن النبى – صلى الله عليه وآله وسلم - لم يكن جاهلاً بقواعد الكتابة طوال حياته، بل نرجّح أنه تلقَّى العلم بها من الله عز وجل عن طريق أمين الوحى جبريل عليه السلام، وليس قولى هذا بدعاً من القول، بل قال به قبلى علماء أفذاذ:

بارك الله فيكم، ذلك لم يخف، وإصراركم على إقحام الحديث عن مسألة أمية الرسول صل1 هنا = لا محل له من الإعراب! لا سيما بعدما قلتُ (سلّمنا جدلا أنه كان يعرف الكتابة صل1). فما بالنا نعيد الكلام ونكرره وعندنا من المشاغل ما عندنا؟!

فإن شئتم فتحتم لذلك موضوعا مستقلا، وأمددناكم ببعض الكتب التي ناقشت معرفته صل1 الكتابة كما تفضلتم، مثل كتاب (تحقيق المذهب) لأبي الوليد الباجي، أشهر من صرح بذلك على الإطلاق.

لكن سلمنا بهذا جدلا حتى نكمل الحوار، مع أنه غير ممتنع أن يكون رسول الله صل1 قد عرف الكتابة آخر حياته لماماً - كما قال بعض الباحثين - لا سيما مع شدة ذكائه صل1 وتوافر الكُتاب حوله، لكنه قطعاً لم يُحسنها صل1 ولا احترفها كالكُتاب، ولا ورد عنه أنه كتب إلا كلمات يسيرة إذا أُخذت الأحاديث على ظاهرها كما فهم بعضهم.

لكن المهم ما طلبنا الأدلة عليه مرارا؛ أين الأحاديث والآثار على أنه صل1 وجّه الكتاب وعلّمهم غير ما عهدوا من كتاباتهم؟؟

استشهدتم بحديث واحد! وكان باطلا! وإن صحّ فلا علاقة له بموضوعنا!

وكنت قد سألت أبا المقداد عنه ولم أنتبه حينها - ولا أنتم! - أنه نُقل في المشاركة قبلها مباشرة قولُ ابن حجر ببطلانه من رواية أنس! فإن كان عندكم علم بصحة هذي الرواية فبينوه لنا جزاكم الله خيرا. ربما كانت أحسن أحواله أن يكون موقوفا على بعض مَن يعلم صنعة الكتابة من الصحابة كعثمان وعلي رضي الله عنهما.

ولو سلمنا - جدلا - بصحة هذا الحديث مرفوعا، أين هو مما نتحدث فيه من حذف ألفات، وزيادة ياءات، وتبديل واوات؟!

إنما الكلام في الحديث كله عن ظواهر فَنِّية جمالية يتذوقها بنظره العالِم بالكتابة والجاهل بها، لا سيما في كلمة كالبسملة تدور في كلام الناس كثيرا ويفتتحون بها كتاباتهم، قرآنا كان أو غيره. ثم أين الدليل من الحديث أنه قصد بها قرآنا؟! ألا يحتمل أن يكون ذلك أثناء كتبه رسالة مثلا يمليها عليه؟ أو أنه وجهه إلى تحسين خطه فيها وفي غيرها عامة، دون أن يكون وقت قالها كان يملي عليه شيئا؟

ثم إن الأمي قد يعرف كثيرا من الكلمات التي يتوافر الناس على كتابتها أمامه، من مثل اسم الله عز وجل، والبسملة، والشهادة وغيرها، بل يكتب بعضهم اسمه (محمد، أحمد) وغير ذلك، ولا يخرجه هذا عن أن يكون أميا.

ولا يُستبعد أن يكون رسول الله صل1 عرف بعض ذلك أو علمه لماما لذكائه وتوقد ذهنه صل1.

ولو أن رجلا أميا توافر أولاده حوله يكتبون أمامه واجباتهم المدرسية مثلا لما استحال أن يلتقط بعض معرفة أشكال بعض الحروف أو الكلمات وأسمائها، لكن ذلك لا يجعله مثلهم أبدا في معرفة الكتابة، إلا بأن يجلس ليتعلم ذلك منه قصدا.

بل بعض الخطاطين أُمي لا يقرأ ولا يكتب إلا بصعوبة جدا! لأنه في الحقيقة يرسم نقلا بنظره لا غير، بل ربما يبدع في ذلك ويسبق غيره من الكاتبين. وكثير منهم لا يعرف قواعد الكتابة وأصول الإملاء أصلا!

فظهر أن الحديث لا يصح الاستشهاد به فيما نتحدث عنه من ظواهر الرسم بحذف الألفات والواوات وزيادتها وغير ذلك. ذلك إن صح سنده أصلا. وهو يعارض الروايات الصحيحة الثابتة التي تدل على أنه صل1 لم يكن يُحسن الكتابة.

ولو عُلم من حاله صل1 أنه كان يوجه الكُتاب إلى مثل ذلك أو يعلمهم أياه = للزم أن يقع ذلك منه مرارا وتكرارا لكثرة ما كان يملي عليهم، ولذاع ذلك في الناس وانتشر، لكثرة الكاتبين السامعين لتوجيهاته تلك صل1.

بل لو أحسن الكتابة صل1 لكتب بنفسه ولم يحتج إليهم أو يرسل إلى زيد مثلا، ولكانت القِطع التي كتبها صل1 أكثر القطع حرصا منهم على طلبها عند جمع المصحف، وعلى كثرة روايات أحاديث الجمع والنسخ لم نجد مثل ذلك فيها، ولا أشاروا إليه، وهي مظنته ومكان تبيانه إن كان وقع.

قلتم أن جبريل علّمه الكتابة، وبأن الأئمة قالت بذلك، لم أجد هذا في مشاركتكم؟! ومثله لا يثبت بمجرد الظن والوهم، مع حسن مقصدكم. ولعلكم تناقشون ذلك في موضوع آخر مستقل إن شئتم. فليس حديثنا هنا عن أميته صل1.

وإن يكن هذا هو حديث الباب الوحيد عندكم .. فالله المستعان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير