تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[25 Dec 2010, 09:34 ص]ـ

الأخ الكريم عصام،

نعرف الداني، ولذلك كانت مداخلتي السابقة احتجاجاً به. ومن يقرأ كتابه المقنع يدرك أنه يقول في بعض المسائل باجتهاده كما يصرّح هو. ومع ذلك لم أرفض له سنداً ولا اجتهاداً وإنما رفضت فهماً لك. ولا أدري لعلك لم تنتبه أنني أنقل عن الداني وأنصص كلامه. وعليه أطلب منك سنداً يسنده الداني أوغير الداني يصرّح بعدم توقيف الرسم. أما علمت أن البخاري وغيره من الأئمة إذا لم يسند لا يحتج بحديثه. وأنا أطلب ما صح عن الصحابة أو التابعين. ويبدو أنك تريد أن تقول لي إذا قال الداني قولاً فلا بد أن له سندا؟!!!!!! وأذكرك أننا لا نتحدث عن قراءة الداني. وأنت تعلم أن الكلمة تأخذ معناها من السياق، والكلمة التي تحتج بها منزوعة من سياق لا يتحدث عن التوقيف والاصطلاح. ومن معاني اصطلاح الناس إتفاقهم وتواطؤهم على أمر، والسؤال كيف اتفقوا ولماذا تواطؤوا؟ فأرجوك لا تشهر في وجهي سيف الاتهام.

ثم أريدك أن تعطيني جواباً على كلامي السابق وهو: ((لكن بعض الأخوة استدرك عليَّ في ذلك فقال: بل هناك نص، قلت أين هو؟ فقال: ورد لفظ قرآن وقرآناً في المصحف 68 مرة، في حين ورد لفظ كتاب أكثر من 200 مرة. ولفظ قرآن من جهة كونه مقروءاً، أما كتاب فمن جهة كونه مكتوباً. يقول سبحانه: "تلك آيات الكتاب وقرآن مبين"، وهذا يعني أن له صيغتان، صيغة ملفوظة وصيغة مكتوبة. ويقول سبحانه:"يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب"، إذن الرسول عليه السلام يعلم الكتاب. هذا ظاهر النص الكريم، ومن يرد أن يُخرج النص عن ظاهره يطالب بالدليل. ويقول سبحانه:" نزل عليك الكتاب بالحق"، ولهذا التنزيل صورتان: أن ينزل مكتوباً كما هو في اللوح المحفوظ، أو ينزل به جبريل فيكتبه الكتبة كما هو في اللوح المحفوظ. ومن يريد أن يصرف الآيات الكثيرة عن ظاهرها فليقدم لنا الدليل)).

ومن هنا أنصح الأخ العليمي أن لا يفتح باب الحديث الضعيف حتى لا ينحرف الحوار إلى مسائل شائكة.

لا أريد الآن أن أنتقل مما أوردت من أدلة إلى أدلة أخرى، لأني صرت أظن أن هناك مشكلة في فهم الدليل، فلا يغني الانتقال إلى دليل آخر، إذا بقيت المشكلة معنا:

فلا زلت تثبت أنك لا تعرف أستاذ الأستاذين وشيخ مشايخ المقرئين كما وصفه بذلك الشمس ابن الجزري.

وقال الذَّهبيُّ: إلى أبي عمرو [الداني] المُنتهَى في تحرير علم القراءات، وعلم المصاحف، مع البراعة في علم الحديث والتَّفسير والنَّحو، وغير ذلك.

والداني هو صاحب المثل السائر في سماء المنقول والمعقول: "وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة، والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر، والأصح في النقل، وإذا ثبتت الرواية لم يردّها قياس عربية، ولا فشو لغة؛ لأن القراءة سنة متبعة، يلزم قبولها والمصير إليها".

وهب (وهب تفيد الظن، ولا تعارض مع حسن الظنون) هب أنه يجتهد فاجتهاده ليس خارجاً عن ترجيح نقل على نقل وتقوية سند على سند ونحو ذلك مما لا يخفى.

وهب أنه يبدي رأياً من تلقاء نفسه ليس له فيه سلف (وهذا ليس من شأنه في هذا الكتاب)، فإنه لفرط أمانته ووثاقة علمه فإنه يصرح - ولا بد ّ- بأن هذا من عنده، أو هذا رأيه. ولم نجده فعل ذلك.

وكيف يخون القارئ منذ صدر الكتاب بعرض رأيه في معرض المسلمات؟. وكيف نصرف الرواية الصريحة إلى الدراية بهذه الطريقة من التخمين الرياضي العددي الذي يفرض الفروض ويلج في إثباتها بعد؟.

أما تأويلك للفظ " المصطلح " بلا مسوغ وجيه، وادعاؤك فيه أنه وارد في غير سياق ما نحن بسياقه، فكلام لا يليق بفضيلتك التي أشار إليها الأخ الحبيب العليمي. فالداني جعل كتابه هذا في الروايات التي تذكر رسم المصاحف متفقة ومختلفة، ولا شيء غير الرواية كما هو معلوم وصريح، وأخلاه من العلل والشرح كما قال هو بنفسه، وزاد بأن عاب من اكتفى فيه بظنه ودرايته، فإذا رددنا عليه رددنا ببرهان وبينة وتجرد للحق، وإذا كان ذكره للاصطلاح في المقنع سهواً، فكيف يتواطأ معه على ذكره أبو داود وغيره من الأئمة وصولاً إلى الشيخ علي الضباع في سمير الطالبين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير