تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يرد الله تعالى عليهم (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) وهى آية عجيبة جدا لو نتأملها المتأمل فمن الأمور ما لا يعلمها إلا هو ومنها أن يموت الإنسان فمن قال هذا سواء كان من المنافقين أو من ضعاف الإيمان فهو جاهل. فإن وجوده في المعركة لا يلزم القتل والعكس.

(قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) وسماها مضاجع وهذا من البلاغة بمكان فالميت المقتول على الأرض بعد موته كأنه مضجع عندما يريد أن ينام (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) من 16 السجدة. سبحان الله الذي صور هذا المشهد أنت لما ترى القتلى لا تفرق بينه وبين المضجع. وكأنها إشارة إلى أن ما أصاب الإنسان من الموت بعده حياة أخرى مثل المضجع يغفو ثم يقوم. قرأت للواء محمود شيت خطاب في الحرب التي حصلت بين المسلمين واليهود في فلسطين أن أحد القادة يتفقد الجنودومواقعهم الحصينة وكان له قريب في موقع غير محصن ويوجد رجل آخر من عامة الجنود في مكان محصن فأخرجه منه ووضع قريبه في هذا المكان المحصن خوفاً عليه. فلما بدأت الحرب انطلقت قذيفة وإستقرت في المكان الذي فيه قريبه وسلم ذاك وانظر إلى النتيجة. المفسرون يذكرون قصة سليمان عليه السلام لما جاءه ملك الموت زائرا وجاءه رجل فنظر إلى هذا الرجل نظرة قوية فخاف الرجل. فلما خرج ملك الموت سأل من هذا الرجل قال سليمان هذا ملك الموت. فقال الرجل أرسلني إلى مكان بعيد وهذا من الخوف فأرسله سليمان إلى مكان بعيد. فملك الموت ذهب إلى هذا المكان وأخذ روحه ثم رجع إلى سليمان وقال كنت أعجب لأن الله أمرني أن أقبض روح هذا الشخص الذي كان عندك في مكان آخر ولكني كنت أراه عندك. وقد يقول البعض أن هذه من الإسرائيليات ولكن المهم العبرة. أعجبني قول الطبري في كلامه عن الإسرائيليات نبه على هذه القضية أنها قضية ممكنة مادامت هذه من القضايا الممكنة فأمرها سهل ودخلت في مجال أنها ممكن أن تكون واقعا ولا شك من المعجزات التي تكون للأنبياء.

(وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ) عندنا هنا الإبتلاء والتمحيص. الإبتلاء بمعنى الإختبار يعني يبتلي ما فيها من الإيمان والنفاق وحسن الظن بالله وسوء الظن بالله. والتمحيص هو تطهيرها من الذنوب وهو أخص. لماذا قال في الأول (صدوركم) والثانية (قلوبكم)؟ ذكرنا من قبل أن البيان جاء للحديث عن النفوس وتكلم عن المؤمنين وإن بعض المؤمنين صادق الإيمان ومنهم من وقع في التردد والظن وإن هناك منافقين نافقوا وانسحبوا فالله جعل في نهاية هذه المعركة نوع من التمييز بين هذه الصفوف فأنزل النعاس أمنة وهذا ما وقع إلا على المؤمنين الصادقين (ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ) هذه الطائفة كأن من علامات أنها صادقة خالصة هذا النعاس. أما المنافقين هؤلاء لم يدخل النعاس عليهم هم الذين قالوا (هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ) كل هذا ليبتلي الله ما في صدوركم والابتلاء يعني الإختبار تعرض القلوب على محك الاختبار. والإختبار هو هذا الموقف الذي أصابهم بالذهول وبعضهم أسقط في يده لا يدري ماذا يفعل في الموقف العصيب حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف وحيداً أصيب بالجراح وأصيب بالسهام وكان طلحة يقي الرسول وتصيبه السهام هؤلاء هم الفدائيون الحقيقيون. أراد الرسول أن يصعد على صخرة صغيرة فما إستطاع من ثقل الجراح. لا شك أن هذا هو غاية التمحيص. الإبتلاء أعم من التمحيص. التمحيص كأنه تتبع بقايا الذنوب. ويبدو أن ما في الصدور أعم من ما في القلوب ويبدو أن ما في الصدور يشمل ما في القلوب وما يوسوس حولها أي ما لم يدخل القلب بعد.وإذا عبر عن الصدر فهو يشمل ذات القلب وما حوله من الشكوك والظنون التي لم تستقر. فالإبتلاء جاء شاملا لما في الصدور وفيها القلوب. أما التمحيص للشيء الذي دخل في قلوبكم من الوهن وضعف الإيمان هذا يحتاج إلى التمحيص لكن قبل أن يدخل إلى القلب ويستقر فيه فهو من الابتلاء ولم يتمكن من القلب فعبر عنه بالصدور والتعبير بالصدور

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير