تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أعم من التعبير بالقلوب والتعبير باللاء أعم من الابتلاء بالتمحيص .. فهو الشيء الذي دخل في قلوبكم من الوهن وهذا يحتاج إلى تمحيص. أما الإبتلاء فهو في الصدر. ألا ترون أيضا لأن الإبتلاء يراد به التفريق بين المؤمن والمنافق (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) المؤمنون) أما التمحيص أن يقع شيء في هذه القلوب من ذنوب ونحوها فيمحصها الله بهذا الرعب حتى يزول لذا يمكن القول أن القلب هو محل إكتساب الذنب أو الحسنة {كنا عند عمر. فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه. فقال: لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل. قال: تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة. ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن التي تموج موج البحر. قال حذيفة: فأسكت القوم. فقلت: أنا. قال: أنت، لله أبوك! قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا. فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء. وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء. حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا. فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض. والآخر أسود مربادا، كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا. إلا ما أشرب من مراه ". قال حذيفة: وحدثته؛ أن بينك وبينها بابا مغلقا يوشك أن يكسر. قال عمر: أكسرا، لا أبا لك! فلو أنه فتح لعله كان يعاد. قلت: لا. بل يكسر. وحدثته؛ أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت. حديثا ليس بالأغاليط}. الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 144خلاصة الدرجة: صحيح

أما الصدر فهو محل للهواجس والخواطر والظنون فذكر له الابتلاء. الخلاف بين العلماء هل القلب هو المقصود به المضغة التي في الصدر؟ في النهاية هو أنه المستقر به الوساوس والمقصود تمحيصه هو.

(وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) وهذا الختم للآية هو مناسب جداً لمضمونها، الموضوع في العلم الدقيق وفيما يتصل بالصدور من بداية الآية بل حتى من قوله (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)}

الحديث في الآية السابقة كان مع قوم مرضى أما في هذه الآية فليس مع قوم فيهم نفاق بل هم من المسلمين ولا شك أن المسلم في حال الشدة يلحقه بعض خطاياه وذنوبه فيقع بشيء من الخوف والتولي وهذا لا يسلم منه أحد إلا من عصم الله وكمل إيمانه وقليل ما هم. (اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا) هذه تزيد من التأكيد أن من أكبر الأخطاء في أحد هي الهيبة التي دخلت قلوب الصحابة من كثرة أعداد المشركين. كانوا 1000 صاروا 700 بعد إنسحاب أبي والمشركين كان عددهم 3000 جاءوا بعدتهم وأتوا بالنساء معهم. فكان الوهن والمهابة التي وقعت في نفوسهم كانت من أسباب الفشل والتنازع بالإضافة إلى ما حدث من الرماة من مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم. فقوله (اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ) هو هذا وأدخل في نفوسهم مهابة الأعداء مما أوقع في نفوسهم الوهن وشىء من التردد. استزلهم الشيطان بالتولي فتولوا وتركوا رسول الله بسبب كسبهم. إستزلهم أى أوقعهم في الزلل (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ) من آل عمران 175. الشيطان كان يلقي في نفوس الصحابة نوع من الهيبة من المشركين. وخاصة في أحد كان للمشركين نوع من الشوكة. أولا كان خالد على الميمنة وكان عكرمة على اليسار وأبو سفيان يقود الجيش وحتى هند جاءت لتشفي غليلها. في الآية (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128) آل عمران) أذكر أن كل هؤلاء الذين ذكرناهم أسلموا وكلهم كانوا قواداً وهذا فضل الله تعالى. أبو سفيان في أحد كان ينظر المسلمون إليه كعدو بل رأس الأعداء وكذلك خالد و هند ولكن بعد ذلك أعزّ الله بهم الدين (عَسَى اللَّهُ أَنْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير