يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) الممتحنة)
وأيضا هذه الآية نستفيد منها أن الإنسان لا يستهين بالذنوب لأنه إذا جاء الجد خذلته ذنوبه. فإذا كان أحدهم يعصي الله في شعبان ثم يقول أتوب في رمضان لكن المشكلة أن هذا ستخله ذنوبه، يريد أن يصلي يمنع من الصلاة، يريد أن يقرأ القرآن يجده أثقل عليه من جبل أحد والسبب الذنوب ولذلك العلماء يقولون (الحسنة تقول أختي أختي والسيئة تقول أختي أختي). علينا أن لا نتهاون في الذنب ونحن خطاؤن وأبناء الخطائين ولذلك نبادر بالتوبة ولا نتأخر في أن نتوب إلى الله تعالى وأن ننتبه للذنب وإن صغر. نتوب إلى الله تعالى حتى لا تدركنا عواقب هذه الذنوب وإلا ما الذي دعل بعض الصحابة ينخذلون في أحد وقال تعالى (ببعض ما كسبوا) هذا بعض ما كسبوا فكيف لو كان بكل ما كسبوا؟!
من لطائف الآية (إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)) تكلم هناك عن بداية المعركة وإنسحاب المنافقين وهنا تكلم عن ماحصل في المعركة (التولي). هناك قالوا (وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا) من 147 آل عمران وهنا قال (اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ) هناك يطلبون التثبيت وهنا يشير إلى ما وقع من أن الشيطان طلب لهم الزلة فزلت أقدامهم بسبب ما كسبوا وهذا من تناسب الألفاظ والمعاني في الآيات.
ولو تأملنا (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ) كذلك أشار إليها في واقعة بدر (يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ) من الأنفال 41. الجمعان مراد بهم هناك أبو جهل ومحمد وهنا أبو سفيان والنبي ويقول العلماء هو جمع محمد وجمع أبو سفيان للقتال في أحد. من لطائف علوم القرآن أن نقول أن "الجمعان" هنا لها معنى وفي بدر لها معنى وإن كان المعنى من حيث المفردة واحدة (الجيشان)
في قوله (وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ) قدم الرب نموذجا للعفو عن أولئك الذين تولوا وخذلوا النبي صلى الله عليه وسلم في موقف شدة وأصابتهم بعض الظنون السيئة وهم خيار الناس فالله يعفو عنهم.وبعد قليل سيأتي أمر النبي للعفو عنهم (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) من 159 آل عمران.
فائدة لغوية: (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) قال إبن عاشور هي من مبتكرات القرآن مثل (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) من 1 الأنفال. وهذه لم تكن معروفة في لغة العرب قبل القرآن (ذات البين) صلاح العلاقة بينك وبين المسلمين. وذات الصدور تفهم منها بما تخفيه في صدرك وهو غير معروف. ذات الصدر هو المكان الذي لا يعلم ما فيه إلا الله.
ختم الآية (وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) غفور للذنوب لأنه تقدم ذنب. وحليم لا يعاجل في العقوبة لأنه عفا, وهي مناسبة. ومن أعظم المواطن التي ينبغي تدبر القرآن فيها هي تدبر صفات الله وأسمائه ومواضعها من الآيات ومعانيها. وهي أكثر الأشياء التي تورث الإنسان محبة الله وفهم آياته وأسمائه وصفاته. غفور إسم يتضمن صفة والفصة يتضمن أثر والأثر أن الله ستر هذا الذنب وغفر عنه وحليم لم يعاجل بالعقوبة لحلمه سبحانه وتعالى.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[01 Sep 2009, 02:09 م]ـ
الحلقة 24
11 رمضان 1430
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
¥