تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا} عندما يأتي الخطاب بـ (ياأيها) الذين آمنوا فإن المخاطب به هم أهل الإيمان. قال ابن مسعود إذا قال يا أيها الذين آمنوا فارعنا سمعك فهو إما أمر تؤمر به أو شر تُنهى عنه. ولا شك أنه من الأوامر المرتبطة بالخير. {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} كأنها تتمة للفكرة السابقة التي ذكرت في الآية السابقة {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} من الآية154 آل عمران. الحقيقة هذا المعنى ركزت عليه الآيات لكثرة دورانه في عالم الناس وجوده في عموم الناس وهي أن يتوقع الناس أن الضرب في الأرض والسفر والخروج في القتال وغيره يجلب بالموت للإنسان. ولكن الموت بيد الله. كم من إنسان ورد موارد الموت ولم يصبه شىء فكم من القادة الذين مروا على الكثير من المعارك وملاقاة العدو ولم يصيبهم شىء. هذه القضية تتردد على ألسنة الكثير من النساء .. أخاف إبني يسافر أو يحج فيموت. كل خير تراه لنفسك وتؤمن به إعمل به. وقضية أن تموت أؤ لا تموت هي بيد الله. كم من مرة في مجلس معين يدخل ملك الموت ويأخذ من قد يكون أصغرهم سنا وأكبرهم مؤهلات للبقاء _كما يقال_ ويترك الآخرون. ولذلك فإن تأكيد الآيات على هذا المعنى لأنه مهم ولكثرة حاجة الناس إليه فينبغي أن يتطهر قلب المؤمن من هذا الشىء. وفيه أيضا إشارة إلى أن عدم الإيمان بقضاء الله وقدره من صفات الكفار. فقال (لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) لمصلحة عادية (أَوْ كَانُوا غُزًّى) أو خروج للحرب. لا شك أن الذي يذهب للحرب مظنة القتل أكبر ولكنه قدم الضرب لأنه أكثر. (لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا) هل هذا فعلا حقيقة؟ أبدا لأنه ذكر في الآيات السابقة (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) من 154 آل عمران. في قصص كثيرة نجد سبحان الله أن الإنسان يسوق نفسه (يساق) إلى قدره. فهذا من المعتقدات الباطلة التي ينبه الله المؤمنين عليها. وأنها مما يشابه به المؤمنون الكفار. هؤلاء هذا إعتقادهم. إياكم أيها المؤمنون أن تشابهوا الكفار فيما يعتقدوا. وهذا الآن ملاحظ من الغربيين. يقتل منا كثير ومن أعدائنا أقل, انظر ما يصنعون هم على قتلاهم وما نصنع نحن على قتلانا. فرق كبير. أمهات الشهداء في فلسطين يهنؤون بإستشهاد أبنائهم بالرغم أنهم يصابون كل يوم في أبنائهم وأزواجهم. وبالرغم من ذلك راضيين صابرين ويعيشون حياة نفسية مستقرة.

(لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) هذه أول عقوبة. والآن ولذلك الجنود الذين يقتلون في العراق تقام دعاوى من أهلهم ضد الحكومة هناك. وأهلهم يتسخطون وذلك لأنهم لا يؤمنون بالقضاء ولا يؤمنون بالقدر. من لطائف الآية لماذا قدم الموت في (عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا)؟ لتناسبها مع (إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى) الضرب يناسب الموت والغزو يناسب القتل. وفي الآية الثانية (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) ذكر القتل أولا لأنه أقرب للمغفرة والرحمة من الموت فقدمها. لما جاء بالمغفرة والرحمة جاء بما يوصل لهما.

(وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ) عندنا إيمان راسخ أن الله هو الذى يحيي ويميت وأنت الآن حي فجاء أولا بيحيي. " من كتاب (الفرج بعد الشدة) للتنوخي" وحكى محمد بن الحسن بن المظفر، قال: حضرت العرض في مجلس الجانب الشرقي ببغداد، أيام نازوك، فأخرج خليفة نازوك على المجلس جماعة، فقتل بعضهم. ثم أخرج غلاماً حدث السن، مليح المنظر، فرأيته لما وقف بين يدي خليفة نازوك، تبسم. فقلت: يا هذا، أحسبك رابط الجأش، لأني أراك تضحك في مقام يوجب البكاء، فهل في نفسك شيء تشتهيه ? فقال: نعم، أريد رأساً حاراً ورقاقاً. فسألت صاحب المجلس أن يؤخر قتله إلى أن أطعمه ذلك، ولم أزل ألطف به، إلى أن أجاب، وهو

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير