تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يضحك مني، ويقول: أي شيء ينفع هذا، وهو يقتل ? قال: وأنفذت من أحضر الجميع بسرعة، واستدعيت الفتى، فجلس يأكل غير مكترث بالحال، والسياف قائم، والقوم يقدمون، فتضرب أعناقهم. فقلت: يا فتى، أراك تأكل بسكون، وقلة فكر. فأخذ قشة من الأرض، فرمى بها، رافعاً يده، وقال وهو يضحك: يا هذا، إلى أن تسقط هذه إلى الأرض مائة فرج. قال: فوالله، ما استتم كلامه، حتى وقعت صيحة عظيمة، وقيل: قد قتل نازوك. لاوأغارت العامة على الموضع، فوثبوا بصاحب المجلس، وكسروا باب الحبس، وخرج جميع من كان فيه. فاشتغلت أنا عن الفتى، وجميع الأشياء، بنفسي، حتى ركبت دابتي مهرولاً، وصرت إلى الجسر، أريد منزلي. فوالله، ما توسطت الطريق، حتى أحسست بإنسان قد قبض على إصبعي برفق، وقال: يا هذا، ظننا بالله- عز وجل- أجمل من ظنك، فكيف رأيت لطيف صنعه. فالتفت، فإذا الفتى بعينه، فهنأته بالسلامة، فأخذ يشكرني على ما فعلته، وحال الناس والزحام بيننا، وكان آخر عهدي به." انتهى

(وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ختم بالعلم. والآية مليئة بالتأكيد على معرفة الله لما في الصدور وما في القلوب ومراقبته. وفي هذه المعركة بالذات وما فيها من دروس عسكرية يؤكد على قضية أنه سبحانه وتعالى عليم بذات الصدور.

(وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) لم يقل قتلتم أو متم في سبيل الله كأن الموت يقع على كل أحد وفي كل حال وقد يكون في سبيل الله أو لا يكون. وقدم القتل لشرفه لأنه في سبيل الله.

وجمع لهؤلاء بين المغفرة والرحمة (خير مما يجمعون). يعني ما أقبلتم عليه في الدار الآخرة خير لكم مما متم عنه فلِمَ الخوف من الموت؟ لِمَ الخوف من ملاقاة الموت؟. حالنا مثل حال الطفل أول ما يخرج من بطن أمه يصيح. لماذا تصيح؟ أنت تخرج من الضيق إلى السعة. هذا الطفل بعد ما يخرج يتنفس الصعداء ويحرك يديه ورجليه هل يفكر أن يرجع؟ لا. وكذلك حالنا الآن نشفق على الدنيا ونتمنى ألا نخرج منها. طيب ماذا سنلقى عند الله؟ هو خير لك من الدنيا وما فيها من الضيق والنكد وهذا عين الإيمان بالغيب وهذا من عجائب النفس أن الإيمان بالغيب لا يؤتاه كل أحد. ولهذا لو تأملت بعض الناس ينكر عليك إيمانك بالغيب وهو تجده يؤمن بالغيب من حيث لا يشعر لا يؤمن بالغيب الذي عندك ولكن يؤمن بغيب آخر ليس له مقدمات. الغيب الذي عندنا له مقدمات. بعض الناس لما يأتي يجادل فيها قد يغفل عنها خاصة من يناقشون الملاحدة وغيرهم أن الإيمان مقدمته عقلية. بعض الناس يظن أن الإيمان لا علاقة له بالعقل. الإيمان شيء والعقل شيء آخر هو يحاول أن يفصل بينهما. وليس بصحيح. هناك عقل فطري وأي كافر يؤمن لا يؤمن إلا بالعقل الفطري. لابد أن هناك مبدأ عقلي جعله يقتنع والعقل يهديه إلى أن يؤمن. إذا اقتنعت أن دين الله حق ستأتيك أشياء لا يدركها العقل الآن هي فوق العقل. القاعدة التي لا تستطيع أن تدركها بعقلك لا تأتيك. ما مقامك الآن؟ مقام التسليم ولكن لا تصل مقام التسليم إلا بعد مقام العقل {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} من البقرة 286. نقول لبعض الأخوة أن ينتبهوا لمثل ذلك. لا يناقش في هذا الموضوع أنت تؤمن بكذا. اثبت لى ودلل لي. المسأله ليست هنا, المسألة أن يؤمن بالله إلى آخر المقدمات العقلية فإذا إقتنع بهذا إقتنع بها فهذا جرء. أحيانا نناقش الجزئيات ونغفل الآخر.

(لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) كل الآيات التي جرت معنا تتحدث عن صنفين من الناس أو النفوس. تتحدث عن نفوس المؤمنين التي دخل الإيمان فيها فأثمرت ثمرات عجيبة مرت علينا. عندما ذكر المتقين {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران} المتقين وذكر صفات {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)} آل عمران. تحدث عن الذين ثبتوا في المعركة ومحص الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير