قلوبهم وقضية الأيمان بالقضاء والقدر.وكلها صفات المؤمن الراسخ. وتحدث عن نفوس لا تثمر هذه الثمرات. نفوس أنانية مكذبة يصيبها جزع (لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ). أصلا معركة أحد ومجىء قريش كان بالحسرة على من قتل منهم في بدر. وكذلك {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)} آل عمران. هذه النفوس المكذبة المتسخطة ليس عندها عفو ولا صبر ولا إحسان فلا يمكن أن ترجو منها , من تلك من النفوس المرابية {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} آل عمران. قرأت في الكتب التي تتحدث عن الربا وقصص المرابين أن أشد الناس قلوبا هم المرابين. وقد يقتل المرابي أو يسرق الآخرين أو يسجنهم مقابل المال. في حين أن المؤمن الصادق قد يتنازل عن نصيب من الدنيا من أجل الآخرة. ولذلك قال (خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) فأطلق. وهذا من فوائد التفسير الموضوعي للقرآن عندما ننظر للسور كمقاطع قرآنية. نتحدث عن غزوة أحد كاملة , نتحدث عن صفات المؤمنين.
في قوله تعالى {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158} لما ذكر المغفرة ذكر القتل. لما ذكر الموت ذكر الحشر و لم يذكر مغفرة. ذكر الأغلب ففي ملاقاة الناس وهو الموت. في الأولى نبه على فضل الشهادة في سبيل الله والثانية عامة لازمها الرجوع إلى الله. وهنا (لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ) من أساليب القصر لأن لا إله غيره.
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران}
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ) يعني هذا اللين الذي حصل لك يا محمد كان رحمة من الله. وكون القائد يتميز باللين لا يمنعه من الحزم. هذا الذي وقع من الصحابة في أحد من معصية لان له رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذه لفتة مهمة للقائد. لا يرضى بالخطأ ولكن يعامل المخطئ معاملة أخرى. الخطأ يجب أن يكون درسا للأمة ولكن هؤلاء المخطئون انظر إلى ماجعلهم يخطئون إنهم بشر لابد أن يخطئوا. ينبغي لك أن تلين لهم وأن تقابل ما حصل منهم من عثرة أو سقطة باللين والرحمة ولذلك فإنه صلى الله عليه وسلم لم يقدم عقوبات وتأديب لمن نكثوا العهد ونزلوا من الجبل وكان هذا من رحمة الله.
(وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) هذا درس لكل القادة وأن يستوعبوا مَن تحتهم أن كان مدير مدرسة أو شركة أو غيرها بأي صورة من صور القيادة أن يكون لين الجانب وإتساع الصدر. لا يرضى بالخطأ ولكن المخطىء يعامله بحسب الحال وأن يلين له و يحتويه وإلا تخسره ويكون عدوا لك. كما كان لأبو عامر الفاسق كان من المنافقين في المدينة ولما قويت شوكة المسلمين ترك المدينة إلى قريش. فلما حارب المسلمين في أحد صنع أشياء أثرت في المسلمين ومنها أن حفر حفرا في ميدان المعركة فلما دارت الدائرة على المسلمين في آخر المعركة سقط صلى الله عليه وسلم في إحدى الحفر.
أظن أن بعض من انحرفوا عن الجادة كان من أسباب انحرافهم انهم في وقت من الأوقات عوملوا معاملة قاسية وأن من كان يربيهم لم يتخذ هذا الخلق العظيم في إحتوائهم. تجد أن لم يكن القائد متصفا بهذه الصفة مذا سيحصل؟ انه لا أستطيع ان يحتويه فلا يخرج عن الإطار. لأنه هو جاء اليك بقراره الشخصي ويخرج يقراره الشخصي. إن استعمال أسلوب العنف والقسوة في معالجة هفواته وأخطائه سيؤدي إلى أن تصنع عدوا. وهذا يفسر لنا وجود بعض من يكتبون في الصحافة والإعلام وقد كانوا في يوم من الأيام صالحين وشرفوا بهذا الخير العظيم. ما الذي جعلهم الآن حرابا وسهاما على الصالحين؟ هي قسوة في التربية مرت بهم. (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ). إن أولى الناس أن يكون قاسيا ولا ينفض عنه الناس هو صلى الله عليه وسلم لأنه نبي الله. حتى لو كان قاسيا فهم ملزمون بإتباعه.وبالرغم من ذلك قال تعالى حتى انت لو كنت قاسي لانفض الناس من حولك. من نحن الآن عندما يأتي أصحاب السلطة بقسوة وعنف. حتى الأب ربما إبنك أو إبنتك يفعل ما لا ترضاه عامله بشيء من اللين.
ثم قال (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) كان المتوقع أن يقال له لا تشاورهم لأن الشورى كانت سبباً للخروج. ولكن هذا تأكيد على أن الشورى أمر ثابت. هذه الهزيمة أو الإنكسار الذي وقع كان بالشورى ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعاتب أحدا. وهذا درس رائع قد نتشاور في أمر ,البعض يرى رأيا والنصف الآخر لا يراه , يقول هذا النصف قلنا لكم كذا. فيجب أن نتأدب. الأمر الثاني أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا كان من المتوقع أن ترجح رأي الذين وافقوه ولكن قال (ما ينبغي لنبي لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه. الراوي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري المحدث: الألباني - المصدر: فقه السيرة - الصفحة أو الرقم: 250خلاصة الدرجة: صحيح)
هذه الآية يجب أن تكون نبراسا وتدار في مجالسنا بين طلبة العلم ومن يكون مسؤلا يجب أن ينظر فيها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه) الإنسان في أمور التعليم والتربية يحس هذا بنفسه. إذا قسى في غير موطن القسوة يجد الناس تنفر منه وإذا هو رفق بالناس لانوا له وأعطاهم الخير الذي عنده. كلنا نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا جاءت هذه الأخلاق لماذا نضعف ولا نستطيع أن نقتدي به؟
¥