تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) هذا المعنى كأنه يشير إلى الغنيمة بعينها ويمكن أن يقاس عليه كل من يأخذ ما لا يحل له من أموال المسلمين. انظر إلى النص الذى روي عن إبن مسعود في كتاب "تفسير التحرير والتنوير" للطاهر بن عاشور يقول: {ومن اللَّطائف ما في البيان والتبيين للجاحظ: أنّ مَزْيَداً رجلاً من الأعراب سرق نافجة مسك فقيل له: كيفَ تسرقها وقد قال الله تعالى: (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة)؟ فقال: إذَنْ أحمِلُها طيّبةَ الريح خفيفة المحمل. وهذا تلميح وتلقي المخاطَب بغير ما يترقّب. وقريب منه ما حكي عن عبد الله بن مسعود والدرك على مَن حكاها قالوا: لمّا بعث إليه عثمان ليسلِّم مصحفه ليحرّقه بعد أن اتَّفق المسلمون على المصحف الَّذي كُتب في عهد أبي بكر قال ابن مسعود: إنّ الله قال: (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) وإنِّي غالّ مصحفي فمن استطاع منكم أن يَغُلّ مصحفه فليفعل. يقول الطاهر بن عاشور "ولا أثق بصحَّة هذا الخبر لأنّ ابْن مسعود يعلم أنّ هذا ليس من الغلول".

والأثر في صحيح مسلم رواه بسنده {خطبنا ابن مسعود على المنبر فقال: من يغل يأت بما غل يوم القيامة، غلوا مصاحفكم، وكيف تأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت، وقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وإن زيد بن ثابت ليأتي مع الغلمان له ذؤابتان، والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانا تبلغه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته، قال أبو وائل: فلما نزل عن المنبر جلست في الحلق، فما أحد ينكر ما قال.الراوي: أبو وائل شقيق بن سلمة المحدث: ابن كثير - المصدر: فضائل القرآن - الصفحة أو الرقم: 80. خلاصة الدرجة: أصل هذا مخرج في الصحيحين}

كأنه يقصد خذوا مصاحفكم واحتفظوا بها ولا تسلموها ويكون الغلول بمعناه العام اللغوي.

السؤال كيف أدخل ابن مسعود أمر المصاحف وهو أمرا إيجابيا في الآية التي جاءت بشيء سلبي؟ أخذها على أنها صارت مثلاً فيقول أنا أمسك مصحفي لأنه يرى أن هذا المصحف هو كتبته بنفسه وأخذه من صلى الله عليه وسلم فعلى قراءة من يريدونه أن يقرأ وعو أعلم الناس وهو صادق رضي الله عنه. ولكن قرار عثمان كان مستندا إلى الشورى ورأي الجماعة. فخالف ابن مسعود نظام الشورى ثم رجع بعد ذلك إليها رضي الله عنه. ولكن المقصد من جهة التفسير والاستنباط ونريد أن ننبه السامع إلى أن الطاهر عاشور فيما ذهب إليه له جانب من الصحة يجعلنا نتلمس أمر آخر. هل ابن مسعود الآن في مقام التفسير أم في مقام الإستنباط؟ والصحيح أنه كان في الإستنباط. فالطاهر بن عاشور رحمه الله رأى أنه في مقام التفسير فاعترض ويحق له ولكن اذا قلنا أن المقام مقام الإستنباط فالأمر أيسر لأن القاعدة في الاستنباط أنه يجوز الاستدلال بالآيات في غير ما نزلت له بضوابط معروفة. إن ما فعل ابن مسعود صحيح بل يعتبر مستندا يرجع إليه إذا أردنا أن نستدل بآية في غير مقامها من باب الاستدلال وليس من باب التفسير. ولم يعترض عليه أحد من الصحابة كن علي بن أبي طالب موجودا وهو من أعلم الناس بالتفسير.وذلك لكي يفرق السامع بين مقام الإستنباط ومقام التفسير. اننا لو تبينا أن المعنى الذي ذهب إليه ابن مسعود لا يلزم بالآية إذا هي إستنباط. فما دام هو ليس من باب التفسير فانما هو مقام الإستنباط فمقام الإستنباط أوسع. ولعلها قاعدة يفَرِق بها القارئ بين مقام التفسير ومقام الإستنباط.

تعميم المقصود بالآية

في قضية الحرص على المال العام وعدم التهاون فيه. الآن حصل تهاون بين المسلمين في عموم المال وخصوصه. لماذا خصّ الخطاب في الآية بالنبي صلى الله عليه وسلم (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)؟ الآية هي لعموم المسلمين وليست خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ولكن معناها أن النبي أولى بأن يتنزه عن هذا الإثم الذي لا يليق بمقامه الشريف وأيضا هو قدوة للمسلم. وليس المقصود فقط الغلول وحده بل المقصود الأخذ من أموال المسلمين العامة بدون وجه حق فإن حكم هذه الآية داخل فيه (وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير