تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عمله. وإن كان من الحكومة أو شركة أو حتى حلقات تحفيظ القرآن.

تتبع رضوان الله

{أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162)}

عندما يذكر الله سبحانه وتعالى هؤلاء المؤمنين الصابرين وبالرغم مما وقع من الصحابة والعتاب وبعد ذلك العفو يبقى سؤال استنكاري (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ). لاحظ المقارنة بين الصورتين بعد نهاية المعركة هؤلاء الذين اتبعوا رضوان الله، لم يقل اتبعوا أوامر الله لأنهم اتبعوا الأوامر التي تؤدي إلى رضوان الله. وبين هؤلاء الذين باؤوا أي رجعوا بسخط الله لاشك أنهم ليسوا سواء كما قال عمر بن الخطاب (قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار) ثم حتى هؤلاء الذين اتبعوا رضوان الله ليسوا سواء بل هم درجات (هم درجات عند الله). في قوله تعالى (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ) هم لا يقصدون أن يتجنبوا سخط الله فقط بل يريدون رضوان الله. النفوس يجب أن تكون عالية الهمة. فنقول ماذا يحب الله؟ ثم نسعى إليه. من الناس من يتهاون ويكتفي بالقليل فقط ويريد أدنى الواجب وأقل شىء يُدخله الجنة. أحدهم اتصل يأسلني عن أقل الحج لأنه لا يريد أن يتعب نفسه، نقول يا أخي لماذا تتعب نفسك! هل هذا حالك أيضاً مع أمور الدنيا؟ هل تقول ياناس أعطوني راتب الكفاف فقط الذى يعيشني؟ لا يليق بالمسلم أن يكتفي فقط بأن يعمل لئلا يكون في النار بل عليه أن يكون عالي الهمة ليصل لأعلى الدرجات في الجنة ويشسعى لرضوان الله تعالى.

في أسلوب الآية نجد (أفمن) الهمزة هنا للإستفهام الإستنكاري. بمعنى أن ليس هؤلاء مثل هؤلاء. وتكلمنا من قبل عن المثاني في أساليب القرآن فيأتي بالشيء وضده. وهنا لما قال (اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ) قال (بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ) أي عمل عملا نتيجته السخط مع أنه فعلها لينتفع.

لما تتأمل في صفات الله تعالى هنا (إن الله يحب) وكان الصحابة ينتبهون لهذه الأشياء ويتتبعون محابّ الله. نجد آيات كثيرة فيها (رضي الله عن) و (الله يحب المحسنين) فما دام الله يحب إذاً يجب أن نتتبع محاب الله. عندما قال الرسول صلى الله عليه وسلم {ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره. قال: قلت: يا رسول الله! أويضحك الرب؟ قال: نعم. قلت: لن نعدم من رب يضحك خيرا.الراوي: أبو رزين لقيط بن عامر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1/ 78خلاصة الدرجة: حسن}.

ومن لوازم الصفة (المحبة) أن تقوم إلى الصلاة مبكراً تريد المسارعة في مرضاة الله،. تتبع رضوان الله تحول حياتك إلى متعة. الواحد منا يفرح أن يرضي رئيسه فكيف بالله؟! وهو قد قال لك انه يحب المتوكلين ويحب المحسنين ويحب من يتقن عمله، وهذا دين عظيم. ولا شك أن تحبيب الله تعالى لعباده بهذه الأوصاف شيء عجيب جداً ولكنك تعجب ممن يفرغ هذه الصفات من مضامينها ويذهب بها إلى تأول بعيد جداً ويتكلف جاعلا هذه المعاني بعيدة في حين أن الصحابة رضي الله عنهم فهموها بسهولة. ولكن من يتأولون هذه الصفات هو في قرارة نفسه لا يستطيع تأويلها لكن النظرة الفلسفية والمعالجة الكلامية الفلسفية- التي كرهها علماء السلف ومنهم الشافعي- ابتعدوا فيه عن جادة الصواب مع أني على يقين أنهم في تعاملهم العام ليسوا كذلك. انظر إلى تتبع مرضاة الله في قصة لا فيها فلسفة بل بساطة بدون تكلف. دعا المأمون غلاما له و قال: ائتني بالماء لأتوضأ. فذهب الغلام و أتى بالماء, و لسرعته وخشيته من أمير المؤمنين وقع من يده الاناء فانكسر. فغضب أمير المؤمنين لهذا العمل. و أراد معاقبة الغلام. ولكن الغلام قال لأمير المؤمنين: يا أمير المؤمنين يقول الله تعالى "و الكاظمين الغيظ".قال المأمون: كظمت غيظي. قال الغلام: والعافين عن الناس. قال له: عفوت عنك. قال: والله يحب المحسنين. قال المأمون: أعتقتك لوجه الله الكريم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير