تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نجد أن وصف الضلال يوحش ولكن اذا عُرِف المقصود به بطل العجب. موسى عليه السلام وصف بالضلال {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) الشعراء} وصف نفسه بهذا أي قبل أن يوحى إليه. وهذه قاعدة أن لا تستوحش من الأوصاف التي أطلقها الله على الأنبياء أحياناً بعض الناس ينزعج من هذه الأوصاف من باب تعظيم الأنبياء ولكن نقول له إنتبه فأنت على خطأ. فأنت تحسن في جانب الأنبياء ولكن قد تسيء الأدب مع الرب فهو أعلم مني ومنك وهو قال الكلام فانتبه أن تقع في هذه المشكلة فلابد من الميزان الدقيق. ولذلك نلاحظ {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) هود} وهو يخاطب النبي نوح وقال أيضا مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) الأعراف} لكن لا تأتي وتتقصد أن تقول أن النبي كان غافلاً، فإنتبه أن تسىء الأدب مع الله سبحانه وتعالى في أن تنفي عن أنبيائه ما وصفهم به هو سبحانه وتعالى فهو أعلم وأحكم في هذا. قضية أخرى أن بعض العبارات يكون لها معنى عرفي فيحملها الناس على المعنى العرفي ويدعون المعنى القرآني واللغوي مثل كلمة (أميّ) ومثلا كلمة (هلك) لا تقال إلا على الطغاة المفسدين والبغاة في الأرض ويقول بعض الناس ما بال الله قالها في حق يوسف {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)}. (هلك) في اللغة تعني الموت. المعنى الزائد هذا عُرف عند الناس في هذا الزمان وإلا لم يكن موجودا. ألا ترى في علم الفرائض يقال هلك هالك عن زوج؟ فهذا العرف هو العرف اللغوي أو العرف القرآني كونه تغير أو كون الناس زادوا عليه أشياء إذن إذا أردت أن تستعمله في واقع الناس أرى أن لا تستعمل هذا الأسلوب فلا تقول أن الشيخ بن جبرين هلك لأن الناس يفهمون منها هذا الاستنباط ولكن عندما نفسر القرآن نحن نتحدث بلغة علمية وليس عندنا هذه المشكلة.

معنى الكتاب والحكمة

لما قال (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) فيها ملحظ مهم وهي أنه لما نزلت هذه الآيات هذه سورة مدنية نزلت في وقت لم يكتب القرآن كاملا ولم يكن مجموعا في كتاب. فهذا الوصف القرآني فيه إشارة إلى نوع الحفظ الذي سيكون عليه وهو أن يكون فى كتاب. أي يعلمهم الكتاب وهو لما يكتمل. ولهذا يجب أن ننتبه إلى هذه اللفتة اللطيفة لجهات حفظ القرآن حفظ الصدور وحفظ السطور {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) البينة} التلاوة حفظ في الصدور والكتابة حفظ في السطور. ونقول إن هذه الإشارات واضحة أن الله سبحانه وتعالى سيهيء السبب لكتابة القرآن وحفظه كما قال تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) الحجر} حافظون هناك سبب. الله حافظه قطعا ولكن ما هو السبب الذي أوجده ليكون هذا الحفظ؟ السبب هو هؤلاء الصحابة الذين كتبوه ووثقوه.وهذا ليس بدعا منهم وإنما طان بتعليم الرسول صلى الله عليه وسلم، ما كان يوحى إليه صلى الله عليه وسلم إلا كان يدعو من يكتبها. كان صلى الله عليه وسلم يشير إليهم ويوحي إليهم أنه لابد من ضبط هذا العلم بالكتابة. وهم كانوا يبادرون أيضا بالكتابة. كان ينادي الكُتاب وكان غيرهم يكتبون لأنفسهم. لذلك قال صلى الله عليه وسلم {لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن، من كتب عني شيئا سوى القرآن فليمحه. الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: السخاوي - المصدر: فتح المغيث - الصفحة أو الرقم: 2/ 159خلاصة الدرجة: ثابت}. معنى واضح أنهم كلهم كانوا يكتبون القرآن.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير