تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) من ترك هذين المصدرين – الكتاب والسنة- وقع لا شك في الضلال المبين. من من استعرض تاريخ الأمة الإسلامية متى أخذت بهذين المصدرين عزّت وانتصرت ومتى تركتهما وقعت في الظلام. في عهد المأمون ترجمت الكتب اليونانية وغيرها من كتب الأمم السابقة. ماذا حدث للأمة؟ اختلفت وإضطربت ليس في أمور الفروع والتفاصيل وإنما في الأصول. وصار الناس لا هم لهم إلا الكلام ونشأت الفرق الفرقة الواحدة تنقسم إلى فرق كثيرة كل ذلك بسبب ترك الكتاب والسنة. ولذلك قيد الله للأمة في كل زمن من يعيدهم إلى المصدرين ناصعين أبيضين من غير أن يكون هناك شبهة ولا شك.

يوجد هنا استشكالين. الأول عن ترجمة الكتب. بعض الأمم التى كان لها تأثير في الحضارات السابقة العجيب أنه لم يرد لها ذكر لا في كتاب الله ولا في السنة وهذا فيه سر لعل من يسمع أن يبحث في ذلك. اليونان كان فيهم فلاسفة وحضارة كبيرة مسيطرة أثرت في العالم. والسؤال الثاني أنه من العجيب أن هذه الحضارة اليونانية بقيت آثارها في كتاباتها. وهذا يدل عليه القرآن في آيات كثيرة {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) القلم} و {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) العلق} مما يدل على أهمية الكتابة. إن هذه الحضارة اليونانية التي ماتت ونسيت لم يكن أحد يتعلمها ولا يتفقه فيها فكيف نشأت فكرة إعادة هذه الحضارة في هذه الأمة التي فيها هذين المصدرين الكتاب والسنة؟! هذا يدعو للتعجب، هو نوع من الكيد. والقصة مذكورة في كتب التاريخ أن المأمون أرسل إلى ملك الروم يطلبها فإستشار بطارقته فقال أحدهم أنها ما دخلت على قوم إلا أفسدتهم. فإذا ثبتت القصة لا شك أنه يفسر جزء من هذا المعنى. السؤال أن الأمة التي كانت تعيش في هذا الوقت ما كانت بحاجة ان تبحث عن هدى في غير كتابها فما الذي ساق هؤلاء أن يبحثوا ويأخذوا مثل هذا؟ والعجيب أن هذه الفلسفة وصلت في علم الكلام ولا زال آثار هذه الفلسفة والمنطق اليوناني موجودا إلى اليوم موجود فيما يسمى علم الكلام. في كل زمان أناس يتشوفون إلى ما عند الأمم الأخرى ولا يثقون بما عند الأمة الإسلامية فهم منهزمون نفسيا. كنا قبل أربعين أو خمسين سنة صحيح الأمة الإسلامية ليس لديها إمكانيات فنحتاج أن نبتعث أبناؤنا للأمم الأخرى للإستفادة من علومهم الدنيوية. اليوم ما إستطعنا أن ننقل التقنية إلى بلادنا ثم بدأنا نبتعث أبناؤنا مرة أخرى مع علمنا بما هناك من الإنحراف والفتن والفساد والتجارب السيئة. من ذهب يرى أماكن الإبتعاث لا يجد جديداً فيها. يتعلمون على النت وهي موجودة لدينا. إذا ذهبت تكتسب عادات وتقاليد ليست من دينك ولا من عاداتك من المفترض ألا تتعرض لها وليس من الشرف أن تتعرض لها وتتعلمها. في عهد المأمون عندما طالب بترجمة الكتب اليونانية كان الناس يتشوفون إلى حضارات وثنية وحضارات بائدة لا قيمة لها في جانب الفكر والهدى بين أيدينا. منذ ترجمت من عهد المأمون إلى اليوم ما جنينا منها؟ فرقة واختلاف وبلبلة. نهاية إقدام العقول ورجعوا في النهاية إلى القرآن. قال الشوكاني إختلفوا في الروح على 1100 قولا والحق ما قاله سبحانه وتعالى في {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) الإسراء} قد إختصر لك الطريق. أمثال هؤلاء في كل وقت تجدهم يتطلعون لما عند الآخر ويناقشون ويقولون نريد أن نعرف ما عند الأمم الأخرى. نحن لو كنا أمة ليس لدينا القرآن ولا رسول ولا دين لكنا وافقنا ولكننا أمة عندنا قدرات وعندناكتاب الله بين أيدينا ألا نستطيع أن نقوم بأنفسنا؟

ننظر لمثال آخر الأمة اليايانية وجنوب شرق آسيا نجحت أن تأخذ من الغرب ماتريد أن تأخذه. لما أرسل اليابانيون أبناءهم أول الأمر تأثروا بالغرب في طريقة أكلهم وعاداتهم. فلما عادوا ورآهم الإمبراطور الياباني أمر بقتلهم جميعاً قائلا ما أرسلتهم ليأتوني بعادات أنا أريد الشيء الذي تميزوا به من تكنولوجيل وتقنية. وفريق آخر ذهب إلى الغرب يمارس العادات اليابانية حتى في أكل الأرز. وكان الغربيون يضحكون منهم ولكن كان لهم هدف واضح حتى أن أول واحد منهم من عكف سنوات يقرأ النظريات و جلس يدرس في الجامعة وفي النهاية ما حصّل شيئاً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير