تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أحب أن أقترح عليكم وأنتم تستمعون إلى هذا البرنامج أن تأخذوا العبرة من هذه المدارسة التي تكون بيننا نحن وهي أن المدارسة تثري معرفة الإنسان بالقرآن. ولا أخفيكم سراً أننا نُحَضّر أشياء قبل أن يأتي لهذه الحلقات ونقرأ من الكتب بين أيدينا ونحاول أن نجمع ما قاله العلماء لنحكيها لكم بلغة سهلة ميسرة. وإذا بدأت الحلقة ثارت أشياء وجَدّت لنا أشياء ببركة المدارسة. فالمدارسة لها فضل عظيم على الإنسان ليس فقط في فهم القرآن ولكن أيضا في استخراج وإستنباط المزيد. ونريد أن ننقل هذه الخبرة للمشاهدين. أحياناً يفتح للإنسان في حال المدارسة ما يكون مغلقاً من قبل. مثلا لما قرأنا الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) آل عمران} تبين لي مسألة كنت أبحث عنها وهي لماذا قدم ماتوا على قتلوا؟ ففتح لي في أثناء الحلقة وقد كنت أبحث عنها. كنت أشرح جزء عم في أربع شعب في الكلية مفترض أن أقول نفس الكلام. وأسأل نفسي بعد المرة الأولى ماذا سأقول في المرة الثانية؟ سأعيد نفس الكلام يا له من تعب! ولكني في المرة الثانية يفتح لي ما لم يفتح في الأولى وفي الثالثة أكثر وهكذا. قلت لو ألفت بعد أول مرة لقلت ماذا أصنع بما كتبت؟ لو صبرت حتى الرابعة أو الخامسة لكان أفضل. من معاني المدارسة في اللغة معنى أنعا تتغازر المرعفة وتزيد من كثرة المدارسة والمدارسة مأخوذة من التكرار على الشىء. ومنها درس الزرع. عندما يأتي المزارع بالثمرة ويضعها في المكان الذي تطؤه الدابة فتظل تطأه حتى يخرج الحب من السنابل. هذا يسمونه "الدرس" لأنه تكرار حتى تخرج الثمرة. فتكرار النظر والتأمل والتدبر في المدارسة تتغازر المعرفة وفي المدارسة نجد أن كل شخص ينظر من زاوية مختلفة وتتراكم المعرفة. فهي تراكمية. أنت نفسك تكرر الدرس أو العقول تنظر من زوايا مختلفة.

ما هي الوسائل العملية في طريقة المدارسة؟ كيف يستطيع الناس في البيت أو أي مجلس أن يصلوا إلى نتيجة؟ أي مجموعة لو قالوا نحن لسنا من أهل التخصص أو من أهل العلم الشرعي كيف لنا أن نستفيد؟ يمكن أن يقرؤا كتاباً في التفسير والمعاني العامة ثم يتأملوا الآيات وما يمكن أن يستفيدوه من استنباطات. صحيح أن له أثر في ثقافة الشخص كلما كان المعلومات عنده أكثر كان الإستنباط أغزر وأجود ولكن لا يخلو قارئ للقرآن أن تكون عنده إستنباطات بل أحيانا إذا سمعت إلى إستنباطات بعض العامّة تستغرب كيف وصلوا إليها. أذكر مثالا في الآية {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) البقرة} هم وقفوا عند "الدماء" قالوا كيف عرف الملائكة أن بني آدم لهم دم ولحم؟ ألا يدل هذا على أن كان من سبق كانت له دماء؟. هذا السؤال لم يخرج إلا من خلال التأمل. تأملت كيف جاؤوا بالأسئلة، ناس بسطاء جدا في تخصص ليس شرعي ولكن فتح لهم هذا. فمن باب النصيحة للمسلمين لا يمنعكم مانع من التدبر ولكن لا تجعله تفسيرا تنشره بين العالمين. التدبر أمره أوسع يشمل التفسير وما قبل التفسير وما بعد التفسير، التفسير ثمرة من ثمرات التدبر ولذلك خوطب بالتدبر جميع الناس. وقد نزلت {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) النساء} في المنافقين ونزلت {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) محمد} للمشركين وهذا يدل على أن الخطاب ليس للعلماء فقط ولكن لعموم الناس. من يسمع هذا الكتاب مطالب بأن يفتح قلبه لكتاب الله. وفي كل العلوم أنت مطالب أن تتأمل وتتدبر. وفكرة مجالس للتدبر والتأمل فكرة رائعة وهي سنة نبوية كان صلى الله عليه وسلم يجلس مع جبريل وأصحابه للتدبر والصحابة كانوا يعملون ذلك. كان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير